الخلق لها سبب خاصّ ولا تتحقّق إلاّ من خلاله، ولكنّ تأثير الأسباب في المسبّبات يتوقّف على الإذن الإلهي، بمعنى أنّ النار لا تُحرق إلاّ بمشيئة اللّه، كما حدث لإبراهيم عليهالسلام عندما لم تحرقه نار نمرود، كما أنّ السكّين لا تقطع ما لم يشأ اللّه، كما حدث لسكّين إبراهيم عليهالسلام عندما لم تقطع نحر إسماعيل عليهالسلام، وهذا هو معنى التوحيد الأفعالي.
وعلى هذا الأساس، فإنّ حرّية الإنسان تقتضي إمكان اجتماع الإذن التكويني الإلهي، ونهيه التشريعي، وإلاّ ففي غير هذه الحالة سوف لا تمكن معارضة النهي التشريعي، وهذا لا يعني شيئاً سوى عدم حرّية الإنسان في اختيار طريق السعادة، أو الشقاء.
وبناءً على ذلك فإنّ ما قاله الإمام الحسين عليهالسلام بشأن إذن اللّه تعالى في قتله هو وأصحابه، إشارة إلى الآية الكريمة: «مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ»،۱ والمراد منه الإذن التكويني الإلهي في حادثة كربلاء الدامية.
وهكذا، فإنّ الإمام عليهالسلام أراد من خلال هذا الكلام أن يقول لأصحابه: إنّ التقدير الإلهي الحكيم يقضي بأن نستشهد كلّنا اليوم في سبيل أداء المسؤولية، ولذلك فإنّ علينا أن نصبر في هذه المصيبة، ونستسلم للتقدير الإلهي ونرضى بقضاء اللّه سبحانه و تعالى.