ولو لم تكن هذه الإجراءات الحكيمة، لما كان باستطاعة جيش ابن سعد أن يهاجم أصحاب الإمام عليهالسلام من الخلف فحسب، بل كان باستطاعته أن يحاصرهم بسهولة ويقتل الإمام عليهالسلام وأصحابه، أو يأسرهم من الخلف في أيسرِ قتالٍ.
ولكن فوجئ العدوّ عندما همّ بالهجوم في صباح عاشوراء، حيث رأى نفسه أمام ألسنة النيران والدخّان التي كانت تحيط بأطراف خيام الإمام عليهالسلام وأصحابه.
واستناداً إلى هذه الخطّة، وبفضل هذا التنظيم العسكري، استطاع جيش الإمام عليهالسلام الذي لم يكن عدده يتجاوز ۷۲ نفراً حسب النقل المشهور، أن يقاوم لساعات أمام جيش العدوّ الذي قدّر عدده ب ۳۵ ألفاً، وأن يقتل عدداً كبيراً منه.
وقد أدّت شدّة مقاومة أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام في المواجهة المباشرة، إلى أن يأمر عمر بن سعد مجموعة من جيشه بأن يطيحوا بخيامهم كي يستطيعوا محاصرتهم.
ولكنّ هذه الخطّة لم تنفع هي الاُخرى ؛ ذلك لأنّ أصحابَ الإمام عليهالسلام كانوا ينصبون الكمائن بين الخيام في مجاميع مؤلّفة من ثلاثة أشخاص أو أربعة، فكانوا يقتلون الأعداء الذين كانوا منشغلين بإطاحة الخيام.
وعندما لم يجنِ ابنُ سعدٍ فائدةً من هذه الخطّة، أصدر الأمرَ بإيقافها من أجل الحيلولة دون تكبّد خسائر أكبر في الأرواح، ثمّ أمر من جديد:
أحرِقوها بِالنّارِ، ولا تَدخُلوا بَيتا ولا تُقَوِّضوهُ، فَجاءوا بِالنّارِ، فَأَخَذوا يُحرِقونَ.
فأراد أصحاب الإمام عليهالسلام منعهم من إحراق الخيام ولكنّ الإمام عليهالسلام خاطبهم قائلاً:
دَعوهُم فَليُحرِقوها ؛ فَإِنَّهُم لَو قَد حَرَقوها لَم يَستَطيعوا أن يَجوزوا إلَيكُم مِنها.۱
وبذلك فقد أحرق العدوّ قسماً من خيام أصحاب الإمام عليهالسلام والتي كانت تحول دون نفوذه، ولكنّهم وكما أنبأهم الإمام عليهالسلام لم يستطيعوا في هذه المرّة أيضاً أن ينفذوا