435
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

ولو لم تكن هذه الإجراءات الحكيمة، لما كان باستطاعة جيش ابن سعد أن يهاجم أصحاب الإمام عليه‏السلام من الخلف فحسب، بل كان باستطاعته أن يحاصرهم بسهولة ويقتل الإمام عليه‏السلام وأصحابه، أو يأسرهم من الخلف في أيسرِ قتالٍ.

ولكن فوجئ العدوّ عندما همّ بالهجوم في صباح عاشوراء، حيث رأى نفسه أمام ألسنة النيران والدخّان التي كانت تحيط بأطراف خيام الإمام عليه‏السلام وأصحابه.

واستناداً إلى هذه الخطّة، وبفضل هذا التنظيم العسكري، استطاع جيش الإمام عليه‏السلام الذي لم يكن عدده يتجاوز ۷۲ نفراً حسب النقل المشهور، أن يقاوم لساعات أمام جيش العدوّ الذي قدّر عدده ب ۳۵ ألفاً، وأن يقتل عدداً كبيراً منه.

وقد أدّت شدّة مقاومة أصحاب الإمام الحسين عليه‏السلام في المواجهة المباشرة، إلى أن يأمر عمر بن سعد مجموعة من جيشه بأن يطيحوا بخيامهم كي يستطيعوا محاصرتهم.

ولكنّ هذه الخطّة لم تنفع هي الاُخرى ؛ ذلك لأنّ أصحابَ الإمام عليه‏السلام كانوا ينصبون الكمائن بين الخيام في مجاميع مؤلّفة من ثلاثة أشخاص أو أربعة، فكانوا يقتلون الأعداء الذين كانوا منشغلين بإطاحة الخيام.

وعندما لم يجنِ ابنُ سعدٍ فائدةً من هذه الخطّة، أصدر الأمرَ بإيقافها من أجل الحيلولة دون تكبّد خسائر أكبر في الأرواح، ثمّ أمر من جديد:

أحرِقوها بِالنّارِ، ولا تَدخُلوا بَيتا ولا تُقَوِّضوهُ، فَجاءوا بِالنّارِ، فَأَخَذوا يُحرِقونَ.

فأراد أصحاب الإمام عليه‏السلام منعهم من إحراق الخيام ولكنّ الإمام عليه‏السلام خاطبهم قائلاً:

دَعوهُم فَليُحرِقوها ؛ فَإِنَّهُم لَو قَد حَرَقوها لَم يَستَطيعوا أن يَجوزوا إلَيكُم مِنها.۱

وبذلك فقد أحرق العدوّ قسماً من خيام أصحاب الإمام عليه‏السلام والتي كانت تحول دون نفوذه، ولكنّهم وكما أنبأهم الإمام عليه‏السلام لم يستطيعوا في هذه المرّة أيضاً أن ينفذوا

1.. تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۳۷، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۶۶.


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
434

موضع خيام الإمام الحسين عليه‏السلام ودورها في ساحة القتال

اختار الإمام الحسين عليه‏السلام عند وصوله كربلاء موقعاً لنصب الخيام تكون لها فيه مزيّتان في حالة وقوع القتال:

۱. عدم استطاعة العدوّ الهجوم عليها إلاّ من جهةٍ واحدة.

۲. تمتّع النساء والأطفال فيها بأمن أكثر.

ولذلك، فقد أمر الإمام بأن تُضرب الخيام في منطقة تمتدّ خلفها قصباء، بحيث لم يكن بمقدور العدوّ أن يهاجم جيش الإمام عليه‏السلام من الخلف.۱

مضافاً إلى ذلك، فقد كانت خلف الخيام أو خلف القصباء التي كانت الخيام أمامها، حفرة تشبه الجدول، حيث تفيد رواية الطبري أنّ الإمام أمر بحفرها ليلة عاشوراء، فحفروا ما يشبه الخندق وألقوا فيه حطباً وقصباً كي يضرموا فيه النار عند هجوم العدوّ، ويوجِدوا مانعاً آخرَ أمام هجوم العدوّ من الخلف۲

الإجراء الآخر الذي تمّ في ليلة عاشوراء بأمر الإمام عليه‏السلام للحيلولة دون هجوم العدوّ من الخلف، هو أنّ خيام أصحاب الإمام نُصبت إلى جانب بعضها البعض وربطوها مع بعضها بحبلٍ من ثلاث جهات، ولم يتركوا سوى طريقاً واحداً من الأمام لمواجهة العدوّ.۳

1.. راجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۸۹ .

2.. راجع : الأمالي للصدوق : ص ۲۲۰ ح ۲۳۹ .

3.. راجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۱ ـ ۴۲۳ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14354
صفحه از 895
پرینت  ارسال به