429
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

اليَومَ ماتَت فاطِمَةُ اُمّي وعَلِيٌّ أبي وحَسَنٌ أخي ! يا خَليفَةَ الماضي وثِمالَ۱ الباقي.۲
قالَ: فَنَظَرَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه‏السلام فَقالَ: يا اُخَيَّةُ، لا يُذهِبَنَّ حِلمَكِ الشَّيطانُ.
قالَت: بِأَبي أنتَ واُمّي يا أبا عَبدِ اللّهِ، استَقتَلتَ نَفسي فِداكَ ! فَرَدَّ غُصَّتَهُ، وتَرَقرَقَت عَيناهُ، وقالَ: لَو تُرِكَ القَطا لَيلاً لَنامَ، قالَت: يا وَيلَتى، أفَتُغصَبُ نَفسُكَ اغتِصابا، فَذلِكَ أقرَحُ لِقَلبي، وأشَدُّ عَلى نَفسي ! ولَطَمَت وَجهَها، وأهوَت إلى جَيبِها وشَقَّتهُ، وخَرَّت مَغشِيّا عَلَيها.
فَقامَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه‏السلام، فَصَبَّ عَلى وَجهِهَا الماءَ، وقالَ لَها: يا اُخَيَّةُ، اتَّقِي اللّهَ وتَعَزَّي بِعَزاءِ اللّهِ، وَاعلَمي أنَّ أهلَ الأَرضِ يَموتونَ، وأنَّ أهلَ السَّماءِ لا يَبقَونَ، وأنَّ كُلَّ شَيءٍ هالِكٌ إلاّ وَجهَ اللّهِ الَّذي خَلَقَ الأَرضَ بِقُدرَتِهِ، ويَبعَثُ الخَلقَ فَيَعودونَ، وهُوَ فَردٌ وَحدَهُ، أبي خَيرٌ مِنّي، واُمّي خَيرٌ مِنّي، وأخي خَيرٌ مِنّي، ولي ولَهُم ولِكُلِّ مُسلِمٍ بِرَسولِ اللّهِ اُسوَةٌ.
قالَ: فَعَزّاها بِهذا ونَحوِهِ، وقالَ لَها: يا اُخَيَّةُ، إنّي اُقسِمُ عَلَيكِ فَأَبِرِّي قَسَمي، لا تَشُقّي عَلَيَّ جَيبا، ولا تَخمُشي عَلَيَّ وَجها، ولا تَدعي عَلَيَّ بِالوَيلِ وَالثُّبورِ إذا أنَا هَلَكتُ.
قالَ: ثُمَّ جاءَ بِها حَتّى أجلَسَها عِندي، وخَرَجَ إلى أصحابِهِ، فَأَمَرَهُم أن يُقَرِّبوا بَعضَ بُيوتِهِم مِن بَعضٍ، وأن يُدخِلُوا الأَطنابَ۳ بَعضَها في بَعضٍ، وأن يَكونوا هُم بَينَ البُيوتِ إلاَّ الوَجهَ الَّذي يَأتيهِم مِنهُ عَدُوُّهُم.۴

1.. الثِمالُ : الملجأ والغياث ، وقيل : هو المُطعِم في الشِدّة النهاية : ج ۱ ص ۲۲۲ «ثمل» .

2.. كذا فى المصدر ، وفى الملهوف ص ۱۳۹ : يا خليفة الماضين وثمال الباقين!

3.. الطَنَبُ : حبل الخباء ، والجمع أطناب الصحاح : ج ۱ ص ۱۷۲ «طنب» .

4.. تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۰ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۹ .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
428

الحَياةِ مَعَكُم ! وَاللّهِ، لا يَنالُ شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قَومٌ أراقوا دِماءَ ذُرِّيَّتِهِ وأهلِ بَيتِهِ.
قالَ: وأقبَلَ رَجُلٌ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه‏السلام إلى بُرَيرِ بنِ حُضَيرٍ، فَقالَ لَهُ: رَحِمَكَ اللّه‏ُ يا بُرَيرُ ! إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ يَقولُ لَكَ: اِرجِع إلى مَوضِعِكَ ولا تُخاطِبِ القَومَ، فَلَعَمري لَئِن كانَ مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ نَصَحَ لِقَومِهِ وأبلَغَ فِي الدُّعاءِ، فَلَقَد نَصَحتَ وأبلَغتَ فِي النُّصحِ.۱

۱ / ۲۳

حالَةُ زَينَبَ علیها السلام لَيلَةَ عاشوراءَ

۴۲۸.تاريخ الطبري عن الحارث بن كعب وأبي الضّحاك عن عليّ بن الحسين بن عليّ [زين العابدين] عليه‏السلام: إنّي جالِسٌ في تِلكَ العَشِيَّةِ الَّتي قُتِلَ أبي صَبيحَتَها، وعَمَّتي زَينَبُ عِندَي تُمَرِّضُني، إذِ اعتَزَلَ أبي بِأَصحابِهِ في خِباءٍ لَهُ، وعِندَهُ حُوَيٌّ۲ مَولى أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ، وهُوَ يُعالِجُ سَيفَهُ ويُصلِحُهُ، وأبي يَقولُ:
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ
كَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتيلِ
وَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَى الجَليلِ
وكُلُّ حَيٍّ سالِكُ السَّبيلِ
قالَ: فَأَعادَها مَرَّتَينِ أو ثَلاثا حَتّى فَهِمتُها، فَعَرَفتُ ما أرادَ، فَخَنَقَتني عَبرَتي، فَرَدَدتُ دَمعي ولَزِمتُ السُّكونَ، فَعَلِمتُ أنَّ البَلاءَ قَد نَزَلَ، فَأَمّا عَمَّتي فَإِنَّها سَمِعَت ما سَمِعتُ، وهِيَ امرَأَةٌ، وفِي النِّساءِ الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ، فَلَم تَملِك نَفسَها أن وَثَبَت تَجُرُّ ثَوبَها، وإنَّها لَحاسِرَةٌ حَتَّى انتَهَت إلَيهِ، فَقالَت: وَاثُكْلاه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ !

1.. الفتوح : ج ۵ ص ۹۹ .

2.. في الإرشاد وإعلام الورى : «جوين» وفي مقاتل الطالبيّين «جون» بدل «حويّ» .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14750
صفحه از 895
پرینت  ارسال به