الحَياةِ مَعَكُم ! وَاللّهِ، لا يَنالُ شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله قَومٌ أراقوا دِماءَ ذُرِّيَّتِهِ وأهلِ بَيتِهِ.
قالَ: وأقبَلَ رَجُلٌ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليهالسلام إلى بُرَيرِ بنِ حُضَيرٍ، فَقالَ لَهُ: رَحِمَكَ اللّهُ يا بُرَيرُ ! إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ يَقولُ لَكَ: اِرجِع إلى مَوضِعِكَ ولا تُخاطِبِ القَومَ، فَلَعَمري لَئِن كانَ مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ نَصَحَ لِقَومِهِ وأبلَغَ فِي الدُّعاءِ، فَلَقَد نَصَحتَ وأبلَغتَ فِي النُّصحِ.۱
۱ / ۲۳
حالَةُ زَينَبَ علیها السلام لَيلَةَ عاشوراءَ
۴۲۸.تاريخ الطبري عن الحارث بن كعب وأبي الضّحاك عن عليّ بن الحسين بن عليّ [زين العابدين] عليهالسلام: إنّي جالِسٌ في تِلكَ العَشِيَّةِ الَّتي قُتِلَ أبي صَبيحَتَها، وعَمَّتي زَينَبُ عِندَي تُمَرِّضُني، إذِ اعتَزَلَ أبي بِأَصحابِهِ في خِباءٍ لَهُ، وعِندَهُ حُوَيٌّ۲ مَولى أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ، وهُوَ يُعالِجُ سَيفَهُ ويُصلِحُهُ، وأبي يَقولُ:
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ
كَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتيلِ
وَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَى الجَليلِ
وكُلُّ حَيٍّ سالِكُ السَّبيلِ
قالَ: فَأَعادَها مَرَّتَينِ أو ثَلاثا حَتّى فَهِمتُها، فَعَرَفتُ ما أرادَ، فَخَنَقَتني عَبرَتي، فَرَدَدتُ دَمعي ولَزِمتُ السُّكونَ، فَعَلِمتُ أنَّ البَلاءَ قَد نَزَلَ، فَأَمّا عَمَّتي فَإِنَّها سَمِعَت ما سَمِعتُ، وهِيَ امرَأَةٌ، وفِي النِّساءِ الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ، فَلَم تَملِك نَفسَها أن وَثَبَت تَجُرُّ ثَوبَها، وإنَّها لَحاسِرَةٌ حَتَّى انتَهَت إلَيهِ، فَقالَت: وَاثُكْلاه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ !