عروة، وأحسّ ابن زياد بالخطر، أمر شريحا القاضي بأن يخرج ويرى هانيا، وأن يخبر الناس بأنّه حيّ!
وقدم شريح إلى معتقل هاني، وعندما رأى هاني شريحاً صرخ قائلاً والدماء تجري على لحيته:
يا لَلّهِ، يا لَلمُسلِمينَ ! أهَلَكَت عَشيرَتي ؟! فَأَينَ أهلُ الدّينِ ؟ وأينَ أهلُ المِصرِ ؟
وعندما سمع ضجّة أفراد قبيلته الذين كانوا قد تجمعوا خارج دار الإمارة لإطلاق سراحه، قال: لو أنّ عشرة رجال دخلوا عليّ لأنقذوني.
وأمّا شريح القاضي، فقد جاء نحو الأهالي الذين حاصروا جوانب القصر دون أن يعير أهمّية إلى ما رآه وسمعه، وخاطبهم قائلاً:
إنَّ الأَميرَ لَمّا بَلَغَهُ مَكانُكُم ومَقالَتُكُم في صاحِبِكُم، أمَرَني بِالدُّخولِ إلَيهِ، فَأَتَيتُهُ فَنَظَرتُ إلَيهِ، فَأَمَرني أن ألقاكُم وأن اُعلِمَكُم أنَّهُ حَيٌّ، وأنَّ الَّذي بَلَغَكُم مِن قَتلِهِ كانَ باطِلاً.۱
فقال عمرو بن الحجّاج الذي كان يتولّى قيادة الرجال المحاصرين للقصر عند سماعه كلام شريح:
حمداً للّه ؛ لأنّه لم يقتل. ثمّ أخلوا أطراف القصر ورحلوا!
وممّا يجدر ذكره أنّ عمرو بن الحجّاج كان شقيق «روعة» زوجة هاني، وكان من الأنصار المتحمّسين لابن زياد، وقد أنقذ بهذه الحيلة ابن زياد من قبضة قبيلة مذحج!
وعلى أيّ حال، فقد قضى ابن زياد على ثورة الكوفة في مهدها من خلال استخدام سياسة الترغيب والترهيب، فقتل مسلماً عليهالسلام، وقلبَ جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي بحيث بعث من أهل الكوفة جيشاً ضخماً إلى كربلاء وتسبّب في مأساة كربلاء الدموية والفريدة من نوعها!۲