391
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

ثانياً: حبّ الدنيا

رغم أنّ الكثير من مسلمي صدر الإسلام شاركوا في الفتوح الإسلامية بنوايا خالصة ومن أجل كسب مرضاة الخالق، ولكنّ الأشخاص والقبائل الذين كانوا يشاركون في هذه الحروب بهدف الحصول على الغنائم الحربية لم يكونوا بالقليلين، فلم يكونوا مستعدّين للتخلّي عن دنياهم بعد إقامتهم في الكوفة، وكانوا يتراجعون بمجرّد أن يشعروا بأنّ الخطر يهدّد دنياهم، وعلى العكس من ذلك، فإنّهم كانوا يدخلون فوراً في كلّ أمر يدرّ عليهم الفوائد.

والشاهد الصادق على ذلك مشاركة أهل الكوفة في معركتي الجمل وصفّين، ففي معركة الجمل حينما سار الإمام عليّ عليه‏السلام من المدينة باتّجاه العراق عام ۳۶ للهجرة لمواجهة المتمرّدين المتواجدين في البصرة، طلب المساعدة من الكوفيّين، ولكنّ الكوفيّين الذين كانوا يرون أنّ حكومة عليّ عليه‏السلام مازالت فتيّة، وكانوا يشعرون بالقلق إزاء مصير الحرب، خاصّة وأنّ جيش البصرة كان يتفوّق عدداً، سعوا لأن يتملّصوا من هذه الدعوة، وبعد الإعلام والتشجيع الواسع النطاق لم يشارك أخيراً في هذه الحرب سوى اثني عشر ألفاً، أي حوالي ۱۰% من القادرين على القتال في الكوفة۱، وبعد نهاية الحرب، كان من جملة اعتراضات نخبهم وخواصّهم، عدم تقسيم الغنائم من قبل عليّ عليه‏السلام.۲

وأمّا في معركة صفّين فقد أظهر أهل الكوفة رغبة أكبر في المشاركة، بعد أن رأوا حكومة علي عليه‏السلام قد التأم شملها، وبعد أن كان يحدوهم أمل كبير في الانتصار، بحيث ذكرت المصادر أنّ عدد جنوده عليه‏السلام في هذه المعركة بلغ ما بين ۶۵ إلى ۱۲۰ ألف مقاتل۳. وكان عدد الذين شاركوا فيها من غير أهل الكوفة قليلاً للغاية.

1.. تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۵۰۰ .

2.. تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۵۴۱ .

3.. تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۸۰ ، مروج الذهب : ج ۲ ص ۳۸۴ .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
390

۶

التحليل النفسي لأهل الكوفة

يمكن بشكلٍ عامّ أن نذكر الخصائص النفسية لغالبية المجتمع الكوفي، والتي كان لها دورٌ في الفشل الظاهري لثورة الإمام الحسين عليه‏السلام، كالتالي:

أوّلاً: عدم تقبُّلهم للنظام

كانت القبائل البدويّة الساكنة في الصحراء تشكّل النواة الرئيسة لمدينة الكوفة، وقد شاركت لأسباب مختلفة في الفتوح الإسلامية، ثمّ اتّجهت من حياة البداوة والترحال إلى السكن في المدن، ولكنّهم مع ذلك لم يفقدوا طبيعتهم البدويّة.

ومن صفات الساكنين في الصحراء، تمتّعهم بحرّية لا حدّ لها في الصحاري ؛ ولذلك فقد عمدوا منذ البدء إلى التنازع مع اُمرائهم، بحيث ضاق الخليفة الثاني ذرعاً بهم وشكى منهم قائلاً:

وأيّ نائبٍ أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير.۱

ويمكن القول: إنّ مثل هذا المجتمع لا يحتمل الأمير العادل والمتحرّر الفكر، فهذا المجتمع يستغلّ مثل هؤلاء الاُمراء ويهبّ لمعارضتهم ولا يطيع أوامرهم، ونحن نشاهد نماذج هذه الإمارات في سلوك أهل الكوفة مع الإمام عليّ عليه‏السلام. والأمير الذي يليق لهذا المجتمع هو أميرٌ مثل «زياد بن أبيه» يجبرهم على الطاعة بالعنف والظلم.۲

1.. تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۱۶۵ .

2.. جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة : ج ۱ ص ۴۲۰ وما بعدها كلمات الإمام علي عليه‏السلامفي ذمّأهل الكوفة وراجع : مجلّة مشكاة : العدد ۵۳ ص ۲۱ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14401
صفحه از 895
پرینت  ارسال به