وَلَعَمري لَئِن كانوا أحَبّونا فِي السرِّ دُونَ العَلانِيَةِ فَهُمُ الصَّوامونَ بِالنَّهارِ القَوّامونَ بِاللَّيلِ، تَرى أثَرَ الرَّهبانِيَةَ في وُجوهِهِم، أهلُ سِلمٍ وَانقِيادٍ.۱
وروي عن الإمام الباقر عليهالسلام تقسيم آخر للشيعة وهو قوله:
الشيعَةُ ثَلاثَةُ أصنافٍ: صِنفٌ يَتَزيَّنونَ بِنا، وَصِنفٌ يَستَأكِلونَ بِنا، وَصِنفٌ مِنّا وَإلَينا.۲
واستناداً إلى هذه الروايات يمكن تقسيم مدّعي التشيّع في الكوفة إلى ثلاث طوائف:
الطائفة الاُولى: الأشخاص الذين كانت قلوبهم مع أهل البيت عليهمالسلام، وكانوا يدافعون من الناحية العمليّة ـ أيضاً ـ عن مبادئ هذه الاُسرة، ولكنّ عددهم كان ضئيلاً.
الطائفة الثانية: الأشخاص الذين كانوا يحبّون أهل البيت عليهمالسلام قلباً، ولكنّهم لم يكونوا يجرؤون على الدفاع عن مبادئهم، وكان عددهم أكثر من الطائفة الاُولى وأقلّ من الطائفة الثالثة.
الطائفة الثالثة: الأشخاص الذين كانوا يُظهرون وَلاءهم لأهل البيت عليهمالسلام من أجل مصالحهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ولكنّ سيوفهم كانت في خدمة أعدائهم. وأفراد هذه الطائفة ـ التي كانت تشكّل الغالبية ـ لم يكونوا شيعةً حقيقيّين.
وفي الحقيقة فإنّ الشيعة من ذوي المصالح السياسية والاقتصادية يتّبعون من يؤمّن لهم مصالحهم، ولذلك فقد بايعوا مُسلِماً في ظلّ الأجواء التي أحسّوا فيها بغلبة الإمام الحسين عليهالسلام، ولكنّهم انضمّوا إلى صفّ شيعة بني اُمية عندما أدركوا أنّ تعاونَهم مع الإمام عليهالسلام يشكّل خطراً عليهم.
وبناءً على ذلك، فإنّ مسؤولية عدم دعم ثورة الإمام الحسين عليهالسلام تقع على عاتق هؤلاء الشيعة المتّبعين لمصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى عاتق الأشخاص الذين استغلّوا اسم الشيعة، لا على عاتق الشيعة العقائديّين والحقيقيّين.