ذلك ـ كان قليلاً، إلاّ أن محبّي أهل البيت والأشخاص الذين كانوا يعبّرون عن حبّهم لأهل بيت الرسالة كانوا كثيرين في هذه المدينة، بل نظراً إلى أنّ الكوفة كانت مركز الحكومة العادلة للإمام عليّ عليهالسلام لما يقرب من خمس سنوات، وكان عدد كبير من كبار أصحاب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قد قدموا معه إلى هذه المدينة، فانتشرت بذلك أحاديث كثيرة بين أهلها بشأن فضائل أهل البيت عليهمالسلام، فأصبحت الكوفة تدريجياً مركزاً لمحبّي أهل البيت عليهمالسلام في العالم الإسلامي، ولذلك فبعد موت معاوية وعندما بدأت مجموعة صغيرة من الأتباع المخلصين لأهل البيت عليهمالسلام نشاطها الإعلامي لمبايعة الإمام الحسين عليهالسلام ومحاربة الحكومة الاُموية، سيطر أتباع الإمام عليهالسلام خلال فترة قصيرة على الجوّ العام للمدينة مستغلّين الجوّ الاجتماعي المنفتح الناجم عن ضعف والي الكوفة.
ولكنّ أهل مكّة والمدينة لم يكونوا يميلون لأهل البيت عليهمالسلام كما كان الحال بالنسبة لأهل الكوفة ؛ وذلك بسبب الظروف السياسية المهيمنة عليهم. وفي هذا المجال ينقل ابن أبي الحديد، عن أبي عمر النهدي، عن الإمام عليّ بن الحسين عليهالسلام أنّه قال:
ما بِمَكَّةَ وَالمَدينَةِ عِشرونَ رَجُلاً يُحِبُّنا.۱
وهناك في المقابل روايات كثيرة تدلّ على الكثرة النسبية لمحبّي أهل البيت في الكوفة كما نقل عن الإمام الباقر عليهالسلام:
إنَّ وَلايَتَنا عُرِضَت عَلى أهلِ الأَمصارِ فَلَم يَقبَلها قَبولَ أهلِ الكوفَةِ بِشَيءٍ.۲
وهناك روايات اُخرى أيضاً تؤيّد أنّ أنصار أهل البيت عليهمالسلام في الكوفة كانوا أكثر من أيّ مدينة اُخرى، رغم أنّ حبّ غالبيّتهم لم يبلغ حدّ الدفاع العملي والتضحية