333
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه‏السلام: يَا بنَ عَمِّ، إنّي وَاللّهِ لَأَعلَمُ أنَّكَ ناصِحٌ مُشفِقٌ، ولكِنّي قَد أزمَعتُ وأجمَعتُ عَلَى المَسيرِ. فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ: فَإِن كُنتَ سائِرا فَلا تَسِر بِنِسائِكَ وصِبيَتِكَ، فَوَاللّهِ إنّي لَخائِفٌ أن تُقتَلَ كَما قُتِلَ عُثمانُ، ونِساؤُهُ ووُلدُهُ يَنظُرونَ إلَيهِ...
وَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ، لَو أعلَمُ أنَّكَ إذا أخَذتُ بِشَعرِكَ وناصِيَتِكَ حَتّى يَجتَمِعَ عَلَيَّ وعَلَيكَ النّاسُ أطَعتَني، لَفَعَلتُ ذلِكَ.۱

۳۵۶.الفتوح: دَخَلَ الحُسَينُ عليه‏السلام إلى مَكَّةَ، فَفَرِحَ بِهِ أهلُها فَرَحا شَديدا، قالَ: وجَعَلوا يَختَلِفونَ إلَيهِ بُكرَةً وعَشِيَّةً، وَاشتَدَّ ذلِكَ عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ الزُّبَيرِ ؛ لِأَنَّهُ قَد كانَ طَمِعَ أن يُبايِعَهُ أهلُ مَكَّةَ، فَلَمّا قَدِمَ الحُسَينُ عليه‏السلام شَقَّ ذلِكَ عَلَيهِ، غَيرَ أنَّهُ لا يُبدي ما في قَلبِهِ إلَى الحُسَين عليه‏السلام، لكِنَّهُ يَختَلِفُ إلَيهِ ويُصَلّي بِصَلاتِهِ، ويَقعُدُ عِندَهُ ويَسمَعُ مِن حَديثِهِ، و هُوَ مَعَ ذلِكَ يَعلَمُ أنَّهُ لا يُبايِعُهُ أحَدٌ مِن أهلِ مَكَّةَ وَالحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه‏السلام بِها ؛ لِأَنَّ الحُسَينُ عليه‏السلام عِندَهُم أعظَمُ في أنفُسِهِم مِنِ ابنِ الزُّبَيرِ.
قالَ: وبَلَغَ ذلِكَ أهلَ الكوفَةِ أنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه‏السلام قَد صارَ إلى مَكَّةَ. وأقامَ الحُسَينُ عليه‏السلام بِمَكَّةَ باقِيَ شَهرِ شَعبانَ ورَمَضانَ وشَوّالَ وذِي القِعدَةِ.
قالَ: وبِمَكَّةَ يَومَئِذٍ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ و عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، فَأَقبَلا جَميعا حَتّى دَخَلا عَلَى الحُسَينِ عليه‏السلام، وقَد عَزَما عَلى أن يَنصَرِفا إلَى المَدينَةِ، فَقالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ: أبا عَبدِ اللّهِ رَحِمَكَ اللّه‏ُ، اِتَّقِ اللّهَ الَّذي إلَيهِ مَعادُكَ، فَقَد عَرَفتَ مِن عَداوَةِ أهلِ هذَا البَيتِ لَكُم، وظُلمَهُم إيّاكُم، وقَد وَلِيَ النّاسَ هذَا الرُّجُلُ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ، ولَستُ آمَنُ أن يَميلَ النّاسُ إلَيهِ لِمَكانِ هذِهِ الصَّفراءِ وَالبَيضاءِ، فَيَقتُلونَكَ ويَهلِكُ فيكَ بَشَرٌ كَثيرٌ ؛ فَإِنّي قَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وهُوَ يَقولُ: «حُسَينٌ مَقتولٌ، ولَئِن قَتَلوهُ وخَذَلوهُ ولَن يَنصُروهُ، لَيَخذُلُهُمُ اللّه‏ُ إلى يَومِ القِيامَةِ».

1.. تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۸۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۵ .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
332

۷ / ۲

حِوارُ الإِمامِ علیه السلام مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ

۳۵۵.تاريخ الطبري عن عقبة بن سمعان: إنَّ حُسَينا عليه‏السلام لَمّا أجمَعَ المَسيرَ إلَى الكوفَةِ، أتاهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ فَقالَ: يَا بنَ عَمِّ ! إنَّكَ قَد أرجَفَ۱ النّاسُ أنَّكَ سائِرٌ إلَى العِراقِ، فَبَيِّن لي ما أنتَ صانِعٌ ؟
قالَ: إنّي قَد أجمَعتُ المَسيرَ في أحَدِ يَومَيَّ هذَينِ، إن شاءَ اللّه‏ُ تَعالى.
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ: فَإِنّي اُعيذُكَ بِاللّهِ مِن ذلِكَ، أخبِرني ـ رَحِمَكَ اللّه‏ُ ـ أَتسيرُ إلى قَومٍ قَد قَتَلوا أميرَهُم، وضَبَطوا بِلادَهُم، ونَفَوا عَدُوَّهُم ؟ فَإِن كانوا قَد فَعَلوا ذلِكَ فَسِر إلَيهِم، وإن كانوا إنَّما دَعَوكَ إلَيهِم وأميرُهم عَلَيهِم، قاهِرٌ لَهُم، وعُمّالُهُ تَجبي بِلادَهُم، فَإِنَّهُم إنَّما دَعَوكَ إلَى الحَربِ وَالقِتالِ، ولا آمَنُ عَلَيكَ أن يَغُرّوكَ ويَكذِبوكَ ويُخالِفوكَ ويَخذُلوكَ، وأن يُستَنفَروا إلَيكَ، فَيكونوا أشَدَّ النّاسِ عَلَيكَ.
فَقالَ لَهُ حُسَينٌ عليه‏السلام: وإنّي أستَخيرُ اللّهَ وأنظُرُ ما يَكونُ...
قالَ: فَلَمّا كانَ مِنَ العَشِيِّ ـ أو مِنَ الغَدِ ـ أتَى الحُسَينَ عليه‏السلام عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ، فَقالَ: يَا بنَ عَمِّ، إنّي أتَصَبَّرُ ولا أصبِرُ، إنّي أتَخَوَّفُ عَلَيكَ في هذَا الوَجهِ الهَلاكَ وَالاِستِئصالَ، إنَّ أهلَ العِراقِ قَومٌ غُدُرٌ فَلا تَقرَبَنَّهُم، أقِم بِهذَا البَلَدِ فَإِنَّكَ سَيِّدُ أهلِ الحِجازِ، فَإِن كانَ أهلُ العِراقِ يُريدونَكَ كَما زَعَموا، فَاكتُب إلَيهِم فَليَنفوا عَدُوَّهُم، ثُمَّ اقدَم عَلَيهِم. فَإِن أبَيتَ إلاّ أن تَخرُجَ، فَسِر إلَى اليَمَنِ، فَإِنَّ بِها حُصونا وشِعابا۲، وهِيَ أرضٌ عَريضَةٌ طَويلَةٌ، ولِأَبيكَ بِها شيعَةٌ، وأنتَ عَنِ النّاسِ في عُزلَةٍ، فَتَكتُبُ إلَى النّاسِ، وتُرسِلُ وتَبُثُّ دُعاتَكَ، فَإِنّي أرجو أن يَأتِيَكَ عِندَ ذلِكَ الَّذي تُحِبُّ في عافِيَةٍ.

1.. أرجف القوم : أكثروا من الأخبار السيّئة واختلاق الأقوال الكاذبة المصباح المنير : ص ۲۲۰ «رجف» .

2.. الشِّعبُ : الطريق في الجبل ، والجمع الشِّعاب الصحاح : ج ۱ ص ۱۵۶ «شعب» .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15901
صفحه از 895
پرینت  ارسال به