319
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

وبذلك انطلق الإمام الحسين عليه‏السلام نحو الكوفة، وحدثت واقعة كربلاء الدمويّة الأليمة !

وكما مرت الإشارة فإنّ هذا التقييم لِما قام به مسلم، إنّما هو تقييم سطحي، متشائم ولم يأخذ بنظر الاعتبار الملابسات التي أحاطت بمهمّته. ولكن مع الأخذ بنظر الاعتبار حقائق نطاق مهمّته، يجب القول بأنّه قد أدّى مسؤوليته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأنّ ماحدث كان له أسبابه الخاصّة.

ومن أجل تقديم تقييم موضوعي لما قام به مسلم في الكوفة، علينا أن نركّز اهتمامنا ودراستنا لبعض القضايا:

۱. نطاق مهمّة مسلم

الأمر الأوّل الذي يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في تقييم ما أنجزه مسلم، هو موضوع مهمّته ونطاقها، وقد جاء هذا الموضوع بوضوح في كتاب الإمام عليه‏السلام إلى أهل الكوفة، وهذا هو نصّ الكتاب استناداً إلى رواية المصادر التاريخية:

وقَد بَعَثتُ إلَيكُم أخي وَابنَ عَمّي وثِقَتي مِن أهلِ بَيتي مُسلِمَ بنَ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ، وقَد أمَرتُهُ أن يَكتُبَ إلَيَّ بِحالِكُم ورَأيِكُم ورَأيِ ذَوِي الحِجا وَالفَضلِ مِنكُم، وهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلى ما قِبَلِكُم إن شاءَ اللّه‏ُ تَعالى، وَالسَّلامُ، ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ، فَإِن كُنتُم عَلى ما قَدِمَت بِهِ رُسُلُكم وقَرَأتُ في كُتُبِكُم، فَقوموا مَعَ ابنِ عَمّي وبايِعوهُ وَانصُروهُ ولا تَخذِلوهُ.۱

ويدلّ هذا النصّ على أنّ مهمّة مسلم الرئيسة كانت تقييم جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي عن كثب، وتحقيقاً لهذا الهدف فقد طلب الإمام من أنصاره أن يبايعوه ويعينوه في الاُمور المتعلّقة بتنظيم الثورة ضدّ حكم يزيد.

1.. الفتوح : ج ۵ ص ۳۰، مقتل الحسين عليه‏السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۹۵ نحوه .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
318

نظرة إلى أعمال مسلم في الكوفة

يمكن نقد وتقييم ما قام به مسلم في الكوفة بنوعين من وجهات النظر.

فمن خلال نظرة سطحية قد يتصوّر البعضُ أنّه لم يكن يتمتّع بالسياسة والتخطيط اللاّزم لأداء المهمّة وإعداد أرضيةٍ لقدوم الإمام الحسين عليه‏السلام إلى الكوفة ؛ ذلك لأنّه لم يستطع أن يوظّف الجوّ السياسي والاجتماعي للكوفة بالنحو المطلوب، مع أنّه كان متناغماً بشكل كامل مع الثورة الحسينية.

فقد كان تحت تصرّفه ما لا يقل عن اثني عشر ألف مقاتل قبل وصول ابن زياد إلى الكوفة، وكان الجوّ السائد في الكوفة ملائما بحيث اضطرّ ابن زياد إلى أن يدخلها بشكل سرّي، ولو أنّ مسلماً كان قد أحسن تنظيم القوى المخلصة للنهضة قبل وصول ابن زياد، لما سنحت لابن زياد الفرصة لتنظيم القوى المعارضة للثورة، ولما كان بإمكانه محاربة أنصار الإمام، الأمر الذي لو اُنجز لكان من الممكن تغيّر مصير ثورة أهل الكوفة بوصول الإمام إليهم، ولما وقعت حادثة كربلاء الأليمة، ولكنّه ـ أي مسلم ـ لم يستغلّ الجوّ السائد في الكوفة، بل لم يقيّم مدى وفاء أهل الكوفة بشكل صحيح، وكتب إلى الإمام الحسين عليه‏السلام:

فَعَجِّلِ الإِقبالَ حينَ يَأتيكَ كِتابي ؛ فَإِنَّ النّاسَ كُلَّهُم مَعَكَ، لَيسَ لَهُم في آلِ مُعاوِيَةَ رَأيٌ ولا هَوىً.۱

1.. تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۳۷۵؛ مثير الأحزان: ص ۳۲ نحوه.

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14104
صفحه از 895
پرینت  ارسال به