وبذلك انطلق الإمام الحسين عليهالسلام نحو الكوفة، وحدثت واقعة كربلاء الدمويّة الأليمة !
وكما مرت الإشارة فإنّ هذا التقييم لِما قام به مسلم، إنّما هو تقييم سطحي، متشائم ولم يأخذ بنظر الاعتبار الملابسات التي أحاطت بمهمّته. ولكن مع الأخذ بنظر الاعتبار حقائق نطاق مهمّته، يجب القول بأنّه قد أدّى مسؤوليته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأنّ ماحدث كان له أسبابه الخاصّة.
ومن أجل تقديم تقييم موضوعي لما قام به مسلم في الكوفة، علينا أن نركّز اهتمامنا ودراستنا لبعض القضايا:
۱. نطاق مهمّة مسلم
الأمر الأوّل الذي يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في تقييم ما أنجزه مسلم، هو موضوع مهمّته ونطاقها، وقد جاء هذا الموضوع بوضوح في كتاب الإمام عليهالسلام إلى أهل الكوفة، وهذا هو نصّ الكتاب استناداً إلى رواية المصادر التاريخية:
وقَد بَعَثتُ إلَيكُم أخي وَابنَ عَمّي وثِقَتي مِن أهلِ بَيتي مُسلِمَ بنَ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ، وقَد أمَرتُهُ أن يَكتُبَ إلَيَّ بِحالِكُم ورَأيِكُم ورَأيِ ذَوِي الحِجا وَالفَضلِ مِنكُم، وهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلى ما قِبَلِكُم إن شاءَ اللّهُ تَعالى، وَالسَّلامُ، ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ، فَإِن كُنتُم عَلى ما قَدِمَت بِهِ رُسُلُكم وقَرَأتُ في كُتُبِكُم، فَقوموا مَعَ ابنِ عَمّي وبايِعوهُ وَانصُروهُ ولا تَخذِلوهُ.۱
ويدلّ هذا النصّ على أنّ مهمّة مسلم الرئيسة كانت تقييم جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي عن كثب، وتحقيقاً لهذا الهدف فقد طلب الإمام من أنصاره أن يبايعوه ويعينوه في الاُمور المتعلّقة بتنظيم الثورة ضدّ حكم يزيد.