وما يبعث على الأمل لدى الباحثين هو وجود الشكل الهرميّ لهذه الظاهرة غير المباركة ؛ بمعنى أنّه على الرغم من أنّ عدد الكتب الحاليّة التي تتضمّن مواضيع يختلط فيها الصحيح والخاطئ يبدو كبيراً، إلاّ أنّ تتبّع مسيرة نقلها من شأنه أن يوصل الباحث إلى عدد قليل من المصادر التي كانت الأساس في دخول هذا الأدب الخياليّ والفاقد للخلفيّة التاريخيّة في مسيرة رواية ملحمة كربلاء.
وقد تعرّف باحثو موسوعة الإمام الحسين عليهالسلام على بعض هذه الكتب من خلال دراسة مئات الروايات والتتبّع التدريجيّ لمصادر كلٍّ من هذه النقول، ونوّهوا إلى تركيبتها ونقاط ضعفها. إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ جميع معلومات هذه الكتب خاطئة ومحرّفة، فقد نقلت في هذه الكتب روايات معتبرة من المصادر القديمة والأصليّة للتاريخ والسيرة. وإنّما المراد أنّ الكثير من الروايات غير الصحيحة أو الفاقدة للمصدر والسند التاريخي هي مذكورة في هذه الكتب. حيث إنّ البعض منها لا يتلائم مع السيرة السلوكيّة للإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيته الأطهار وإن احتمل وجود بعض النقول في المصادر التي لم تصلنا، ولذلك فإنّ معلومات هذا النوع من الكتب لا يمكن الاستناد إليها دون تقييمها. وهذه الكتب هي عبارة عن:
۱. مقتل الحسين عليهالسلام المنسوب إلى أبي مخنف
أبو مخنف، لوط بن يحيى بن سعيد، (ت ۱۵۸ ه. ق)، من المؤرّخين الموثوق بهم، ومن أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام، وكان على الأرجح شيعيّاً، وهو معتمد من قبل مؤرّخي الفريقين، ولذلك فقد نقل العديد من المؤرّخين وكتّاب السيرة ممّا رواه حول ثورة الإمام الحسين عليهالسلام. ويمكن أن نذكر من جملتهم محمّد بن عمر الواقديّ (ت ۲۰۷ ه. ق)، وابن قتيبة (ت ۲۷۶ ه. ق) في كتابه الإمامة والسياسة، ومحمّد بن جرير الطبريّ (ت ۳۱۰ ه. ق) في تاريخه، وابن عبد ربّه المتوفّى سنة (۳۲۸ ه. ق) في العقد الفريد، وعليّ بن الحسين المسعودي (ت ۳۴۵ ه. ق) في مروج الذهب وأخبار الزمان، والشيخ المفيد (ت ۴۱۳ ه. ق) في الإرشاد وكذلك في النصرة