301
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

قالَ: فَلَم يَلتَفِت مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ـ رَحِمَهُ اللّه‏ُ ـ إلى كَلامِ ابنِ الأَشعَثِ، وجَعَلَ يُقاتِلُ حَتّى اُثخِنَ بِالجِراحِ، وضَعُفَ عَنِ القِتالِ، وتَكاثَروا عَلَيهِ فَجَعَلوا يَرمونَهُ بِالنَّبلِ وَالحِجارَةِ، فَقالَ مُسلِمٌ: وَيلَكُم ! ما لَكُم تَرمونَني بِالحِجارَةِ كَما تُرمَى الكُفّارُ، وأنَا مِن أهلِ بَيتِ الأَنبِياءِ الأَبرارِ ؟ ! وَيلَكُم ! أما تَرعَونَ حَقَّ رَسولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وذُرِّيَّتِهِ ؟
قالَ: ثُمَّ حَمَلَ عَلَيهِم ـ عَلى ضَعفِهِ ـ فَكَسَرَهُم وفَرَّقَهُم فِي الدُّروبِ، ثُمَّ رَجَعَ وأسنَدَ ظَهرَهُ إلى بابِ دارٍ هُناكَ، فَرَجَعَ القَومُ إلَيهِ فَصاحَ بِهِم مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ: ذَروهُ حَتّى اُكَلِّمَهُ بِما يُريدُ.
قالَ: ثُمَّ دَنا مِنهُ ابنُ الأَشعَثِ حَتّى وَقَفَ قُبالَتَهُ، وقالَ: وَيلَكَ يَابنَ عَقيلٍ، لا تَقتُل نَفسَكَ، أنتَ آمِنٌ ودَمُكَ في عُنُقي. فَقالَ لَهُ مُسلِمٌ: أتَظُنُّ يَابنَ الأَشعَثِ أنّي اُعطي بِيَدي أبَدا وأنَا أقدِرُ عَلَى القِتالِ ؟ لا وَاللّهِ، لا كانَ ذلِكَ أبَدا، ثُمَّ حَمَلَ عَلَيهِ حَتّى ألحَقَهُ بِأَصحابِهِ. ثُمَّ رَجَعَ مَوضِعَهُ فَوَقَفَ وقالَ: اللّهُمَّ إنَّ العَطَشَ قَد بَلَغَ مِنّي.
قالَ: فَلَم يَجسُر أحَدٌ أن يَسِقيَهُ الماءَ ولا قَرُبَ مِنهُ، فَأَقبَلَ ابنُ الأَشعَثِ عَلى أصحابِهِ وقالَ: وَيلَكُم ! إنَّ هذا لَهُوَ العارُ وَالفَشَلُ أن تَجزَعوا مِن رَجُلٍ واحِدٍ هذا الجَزَعَ، اِحمِلوا عَلَيهِ بِأَجمَعِكُم حَملَةً واحِدَةً.
قالَ: فَحَمَلوا عَلَيهِ وحَمَلَ عَلَيهِم، فَقَصَدَهُ مِن أهلِ الكوفَةِ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ بُكَيرُ بنُ حُمرانَ الأَحمَرِيُّ، فَاختَلَفا بِضَربَتَينِ: فَضَرَبَهُ بُكَيرٌ ضَربَةً عَلى شَفَتِهِ العُليا، وضَرَبَهُ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ضَرَبةً فَسَقَطَ إلَى الأَرضِ قَتيلاً ؛ قالَ: فَطُعِنَ [مُسلِمٌ]مِن وَرائِهِ طَعنَةً فَسَقَطَ إلَى الأَرضِ، فَاُخِذَ أسيرا، ثُمَّ اُخِذَ فَرَسُهُ وسِلاحُهُ.
وتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِن بَني سُلَيمانَ، يُقالُ لَهُ: عُبَيدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ، فَأَخَذَ عِمامَتَهُ.۱

1.. الفتوح : ج ۵ ص ۵۳ .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
300

۴ / ۲۷

أسرُ مسلِمٍ بَعدَ أن اُثخِنَ بِالجِراحِ

۳۲۰.الملهوف: ولَمّا قَتَلَ مُسلِمٌ مِنهُم جَماعَةً، نادى إلَيهِ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ: يا مُسلِمُ ! لَكَ الأَمانُ. فَقالَ لَهُ مُسلِمٌ: وأيُّ أمانٍ لِلغَدَرَةِ الفَجَرَةِ ! ثُمَّ أقبَلَ يُقاتِلُهُم ويَرتَجِزُ بِأبياتِ حَمرانَ بنِ مالِكٍ الخَثعَمِيِّ يَومَ القرنِ، حَيثُ يَقولُ:
أقسَمتُ لا اُقتَلُ إلاّ حُرّا
وإن رَأَيتُ المَوتَ شَيئا نُكرا
أكرَهُ أن اُخدَعَ أو اُغَرّا
أو أخلِطَ البارِدَ سُخنا مُرّا
كُلُّ امرِئٍ يَوما يُلاقي شَرّا
أضرِبُكُم ولا أخافُ ضُرّا
فَقالوا لَهُ: إنَّكَ لا تُخدَعُ ولا تُغَرُّ، فَلَم يَلتَفِت إلى ذلِكَ، وتَكاثَروا عَلَيهِ بَعدَ أن اُثخِنَ بِالجِراح، فَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِن خَلفِهِ، فَخَرَّ إلَى الأَرضِ، فَاُخِذَ أسيرا.۱

۳۲۱.الفتوح: أرسَلَ إلَيهِ [أي إلى مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ] عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ أن أعطِهِ الأَمانَ ؛ فَإِنَّكَ لَن تَقدِرَ عَلَيهِ إلاّ بِالأَمانِ. فَجَعَلَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ يَقولُ: وَيحَكَ يَابن عَقيلٍ ! لا تَقتُل نَفسَكَ، لَكَ الأَمانُ، ومُسلِمُ بنُ عَقيلٍ يَقولُ: لا حاجَةَ إلى أمانِ الغَدَرَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يُقاتِلُهُم وهُوَ يَقولُ:
أقسَمتُ لا اُقتَلُ إلاّ حُرّا
ولَو وَجَدتُ المَوتَ كَأسا مُرّا
أكرَه أن اُخدَعَ أو اُغَرّا
كُلُّ امرِى‏ءٍ يَوما يُلاقي شَرّا
أضرِبُكُم ولا أخافُ ضُرّا
قالَ: فَناداهُ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ وقالَ: وَيحَكَ يَابنَ عَقيلٍ ! إنَّكَ لا تُكذَبُ ولا تُغَرُّ، القَومُ لَيسوا بِقاتِليكَ فَلا تَقتُل نَفسَكَ.

1.. الملهوف : ص ۱۲۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۷ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15668
صفحه از 895
پرینت  ارسال به