يَصلُحُ لَكَ الجُلوسُ عَلى بابي، ولا اُحِلُّهُ لَكَ. فَقامَ فَقالَ: يا أمَةَ اللّهِ، ما لي في هذَا المِصرِ مَنزِلٌ ولا عَشيرَةٌ، فَهَل لَكِ إلى أجرٍ ومَعروفٍ، ولَعَلّي مُكافِئُكِ بِهِ بَعدَ اليَومِ ؟ فَقالَت: يا عَبدَ اللّهِ وما ذاكَ ؟ قالَ: أنَا مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ، كَذَبَني هؤُلاءِ القَومُ وغَرّوني.
قالَت: أنتَ مُسلِمٌ ؟ ! قالَ: نَعَم.
قالَت: اُدخُل، فَأَدخَلَتهُ بَيتا في دارِها غَيرَ البَيتِ الَّذي تَكونُ فيهِ، وفَرَشَت لَهُ، وعَرَضَت عَلَيهِ العَشاءَ فَلَم يَتَعَشَّ، ولَم يَكُن بِأَسرَعَ مِن أن جاءَ ابنُها، فَرَآها تُكِثرُ الدُّخولَ فِي البَيتِ وَالخُروجَ مِنهُ، فَقالَ: وَاللّهِ إنَّهُ لَيُريبُني كَثرَةُ دُخولِكِ هذَا البَيتَ مُنذُ اللَّيلَةِ وخُروجِكِ مِنهُ، إنَّ لَكِ لَشَأنا !
قالَت: يا بُنَيَّ الهَ۱ عَن هذا. قالَ لَها: وَاللّهِ لَتُخبِرِنّي. قالَت: أقبِل عَلى شَأنِكَ ولا تَسَأَلني عَن شَيءٍ، فَأَلَحَّ عَلَيها، فَقالَت: يا بُنَيَّ لا تُحَدِّثَنَّ أحَدا مِنَ النّاسِ بِما اُخبِرُكَ بِهِ، وأخَذَت عَلَيهِ الأَيمانَ، فَحَلَفَ لَها، فَأَخبَرَتهُ، فَاضطَجَعَ وسَكَتَ، وزَعَموا أنَّهُ قَد كانَ شَريدا مِنَ النّاسِ، وقالَ بَعضُهُم: كانَ يَشرَبُ مَعَ أصحابٍ لَهُ.۲
۴ / ۲۲
فَحصُ ابنِ زِيادٍ عَن مُسلِمٍ وأصحابِهِ
۳۱۳.الأخبار الطوال: إنَّ ابنَ زِيادٍ لَمّا فَقَدَ الأَصواتَ، ظَنَّ أنَّ القَومَ دَخَلُوا المَسجِدَ، فَقالَ: اُنظُروا، هَل تَرَونَ فِي المَسجِدِ أحَدا ؟ ـ وكانَ المَسجِدُ مَعَ القَصرِ ـ فَنَظَروا فَلَم يَرَوا أحَدا، وجَعَلوا يُشعِلونَ أطنابَ۳ القَصَبِ، ثُمَ يَقذِفونَ بِها في رُحبَةِ المَسجِدِ لِيُضيءَ لَهُم، فَتَبَيَّنوا، فَلَم يَرَوا أحَدا.