إنَّ الإيمانَ قَيَّدَ الفَتكَ، ولا يَفتِكُ مُؤمِنٌ.۱
وقد جاء في بعض الروايات أنّ مسلماً ذكر أنّ سبب امتناعه هو الحديث المشار إليه فحسب.
وجاء في رواية اُخرى أنّ مسلماً اعتبر أنّ سبب امتناعه إنّما هو كراهة هاني لذلك.
وجاء في نقل آخر أنّ مسلماً أشار إلى عاملين لتبرير عمله: الأوّل حديث «الفتك»، والآخر أنّه لم يكن يرغب في أن يتمّ هذا العمل في دار شريك بن الأعور.
ومن خلال التأمّل في هذه الروايات المتناقضة، فإنّ الملاحظة الاُولى التي تتبادر إلى الذهن هي كونها منتحلة كلّها، للأسسباب التالية:
أوّلاً: مجيء ابن زياد إلى بيوت محبّي مسلم يعني وضع نفسه في معرض الخطر، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الدهاء السياسي لابن زياد وأوضاع الكوفة المتأزّمة، فإنّه لايمكن تصديق وقوع هذا التصرّف غير المحتاط من قبله، خاصّة وإنّه كان يعلم من خلال جاسوسه أنّ مسلماً مختبئ في دار هاني.
ثانياً: تعدّ السرّية أهمّ شروط تنفيذ مخطّط الاغتيال، وهذا المعنى يتنافى مع تواجد ثلاثين رجلاً لا ضرورة لجلبهم لاغتيال شخص واحد.
ثالثاً: إذا كان مخطّط اغتيال ابن زياد حقيقياً، فإنّ التدبير السياسي والأمني كان يقتضي أن يوكل تنفيذه إلى شخص غير مسلم الذي كان يتولّى قيادة ثورة الكوفة.
وعلى هذا الأساس يمكن القول: إنّ مخطّط اغتيال ابن زياد كان مفتعلاً ومنتحلاً من قبله هو نفسه وأعوانه، بهدف تبرير إقدامهم ضدّ مسلم عليهالسلام وزعماء القبائل الموالين له.
وإذا لم نأخذ بالتحليل المذكور واعتبرنا المخطّط المذكور حقيقياً، فإنّ الرواية