275
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

وقفة عند روايات طلب مسلم الاستقالة من سفارة الإمام

تفيد بعض الروايات بأنّ مسلماً عليه‏السلام قدم من مكّة إلى المدينة متوجّها إلى الكوفة، واصطحب معه دليلين منطلقا نحوها، ولكنّهما ضلاّ الطريق وهلك كلاهما بسبب العطش. وبعد مشقّة كبيرة حصل مسلم ومرافقوه الآخرون ـ بمشورة الدليلين أو بدونها ـ على الماء ونجوا من الموت، ولكنّه تطيّر من هذه الحادثة ؛ ولذلك كتب رسالة إلى الإمام الحسين عليه‏السلام وطلب منه أن يعفيه من أداء هذه المهمّة، ولكنّ الإمام عليه‏السلام رفض استقالته في جوابٍ بعثه إليه، واتّهمه بالخوف من القيام بهذه المهمّة، وأكّد عليه أن يواصل طريقه.

لكنّ هذه الروايات محلّ تأمّل للأسسباب التالية:

۱. لا يمتلك أيّ منها سنداً معتبراً يمكن الاعتماد عليه.

۲. تفيد المستندات التاريخية بأنّ مسلماً اجتاز المسافة من مكّة إلى الكوفة خلال عشرين يوماً ؛ ذلك لأنّه خرج من مكّة في ۱۵ رمضان ووصل إلى الكوفة في الخامس من شوال۱، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ المسافة من مكّة إلى الكوفة تبلغ حوالي ۱۴۰۰ كيلومتراً، فإنّ من المفترض أن يكون قد قطع كلّ يوم ما معدّله سبعون كيلومتراً، بغضّ النظر عن تأخّره في المدينة. فإن كان قد بعث رسولاً بعد المدينة إلى مكّة كي يستوضحه فيما يجب أن يفعله، وأضفنا المدّة التي كان بحاجة إليها للعثور على الرسول، والانطلاق، واستلام الجواب من الإمام، والعودة، والمدّة

1.. راجع : ص ۲۷۷ (قدوم مسلم الكوفة وبيعة أهلها له) .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
274

وَاشتَدَّ عَلَينَا العَطَشُ، فَلَم يَلبَثا أن ماتا، وأقبَلنا حَتَّى انتَهَينا إلَى الماءِ، فَلَم نَنجُ إلاّ بِحُشاشَةِ أنفُسِنا۱، وذلِكَ الماءُ بِمَكانٍ يُدعَى المَضيقَ مِن بَطنِ الخُبَيتِ، وقَد تَطَيَّرتُ مِن وَجهي هذا، فَإِن رَأَيتَ أعفَيتَني مِنهُ وبَعَثتَ غَيري، وَالسَّلامُ.
فَكَتَبَ إلَيهِ حُسَينٌ عليه‏السلام:
أمّا بَعدُ، فَقَد خَشيتُ ألاّ يَكونَ حَمَلَكَ عَلَى الكِتابِ إلَيَّ فِي الاِستِعفاءِ مِنَ الوَجهِ الَّذي وَجَّهتُكَ لَهُ إلاَّ الجُبنُ، فَامضِ لِوَجهِكَ الَّذي وَجَّهتُكَ لَهُ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ.
فَقالَ مُسلِمٌ لَمّا۲ قَرَأَ الكِتابَ: هذا ما لَستُ أتَخَوَّفُهُ عَلى نَفسي. فَأَقبَلَ كَما هُوَ حَتّى مَرَّ بِماءٍ لِطَيِّئٍ، فَنَزَلَ بِهِم ثُمَّ ارتَحَلَ مِنهُ، فَإِذا رَجُلٌ يَرمِي الصَّيدَ، فَنَظَرَ إلَيهِ قَد رَمى ظَبيا حينَ أشرَفَ لَهُ فَصَرَعَهُ، فَقالَ مُسلِمٌ: يُقتَلُ عَدُوُّنا إن شاءَ اللّه‏ُ.۳

1.. بِحُشاشَةِ النفس : أي برمق بقيّة الحياة والروح النهاية : ج ۱ ص ۳۹۱ «حشش» .

2.. في المصدر : «لمن قرأ الكتاب» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر الاُخرى .

3.. تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۵۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۴ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15974
صفحه از 895
پرینت  ارسال به