بحث حول قبول الإمام علیه السلام لهدايا معاوية
لقد كانت السيرة العملية للإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام ـ استنادا إلى بعض الروايات ـ تتمثّل في قبول هدايا معاوية. إلاّ أنّ هذه الروايات يجب التوقّف عندها بغضّ النظر عمّا طرح في الفقه فيما يتعلّق بحلّية هدايا السلطان الجائر أو حرمتها. فعلى فرض حلّية هذه الهدايا بشكل مطلق، أو بشروط خاصّة، فإنّ ما يجب أن يخضع هنا للدراسة ـ باعتباره قضية تاريخية وسياسية ـ هو كيف يمكننا تصديق ما ذكر من قبول الحسنين عليهماالسلام هدايا معاوية رغم العداء القائم بين الإمام عليّ عليهالسلام وأبنائه وبين معاوية ؟ ألم تكن الأهداف السياسية لمعاوية من هذه المبادرة مكشوفة لهم ؟ أوَ ليس قبول هدايا معاوية بمثابة تأييد عملي لحكمه؟ وأخيرا: ما هي المصلحة الّتي كانت تستوجب أن يقبلوا هدايا عدوّ أهل البيت اللّدود؟
للإجابة على هذه التساؤلات نقول: إنّ العمل الذي يستلزم التأييد العملي لحكومة آل أبي سفيان في المجتمع الإسلامي لا يمكن أن يصدر من أبناء الإمام عليّ عليهالسلام، وفي هذا المجال توجد عدة ملاحظات جديرة بالالتفات، هي:
أوّلاً: إنّ قبول الإمام عليهالسلام لهدايا معاوية لا يمكن أن نعتبره تأييدا لحكومة معاوية، إلاّ إذا التزم جانب الصمت إزاء جرائمه، ولكن عندما ينتقد الإمام عليهالسلام معاوية بصراحة، فإنّه يفشل بذلك مخطّطه الخبيث، وبذلك فإنّ قبوله لهديّته لا يعتبر تأييدا لحكومته، كما ورد ذلك في رواية عن الإمام الباقر عليهالسلام: