عَلِيٍّ دينُ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله الَّذي كانَ يَضرِبُ عَلَيهِ أباكَ، وَالَّذِي انتِحالُكَ۱ إيّاهُ أجلَسَكَ مَجلِسَكَ هذا، ولَولا هُوَ كانَ أفضَلُ شَرَفِكَ تَجَشُّمَ۲ الرِّحلَتَينِ في طَلَبِ الخُمورِ.
وقُلتَ: اُنظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ وَالاُمَّةِ، وَاتَّقِ شَقَّ عَصَا الاُلفَةِ، وأن تَرُدَّ النّاسَ إلَى الفِتنَةِ ! فَلا أعلَمُ فِتنَةً عَلَى الاُمَّةِ أعظَمَ مِن وِلايَتِكَ عَلَيها، ولا أعلَمُ نَظَرا لِنَفسي وديني أفضَلَ مِن جِهادِكَ، فَإِن أفعَلهُ فَهُوَ قُربَةٌ إلى رَبّي، وإن أترُكهُ فَذَنبٌ أستَغفِرُ اللّهَ مِنهُ في كَثيرٍ مِن تَقصيري، وأسأَلُ اللّهَ تَوفيقي لِأَرشَدِ اُموري.
وأمّا كَيدُكَ إيّايَ، فَلَيسَ يَكونُ عَلى أحَدٍ أضَرَّ مِنهُ عَلَيكَ، كَفِعلِكَ بِهؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ قَتَلتَهُم ومَثَّلتَ بِهِم بَعدَ الصُّلحِ مِن غَيرِ أن يَكونوا قاتَلوكَ ولا نَقَضوا عَهدَكَ، إلاّ مَخافَةَ أمرٍ لَو لَم تَقتُلهُم مِتَّ قَبلَ أن يَفعَلوهُ، أو ماتوا قَبلَ أن يُدرِكوهُ. فَأَبشِر يا مُعاوِيَةُ بِالقِصاصِ، وأيقِن بِالحِسابِ، وَاعلَم أنَّ للّهِِ كِتابا لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً إلاّ أحصاها، ولَيسَ اللّهُ بِناسٍ لَكَ أخذَكَ بِالظِّنَّةِ، وقَتلَكَ أولِياءَهُ عَلَى الشُّبهَةِ وَالتُّهمَةِ، وأخذَكَ النّاسَ بِالبَيعَةِ لاِبنِكَ غُلامٍ سَفيهٍ يَشرَبُ الشَّرابَ ويَلعَبُ بِالكِلابِ، ولا أعلَمُكَ إلاّ خَسِرتَ نَفسَكَ، وأوبَقتَ۳ دينَكَ، وأكَلتَ أمانَتَكَ، وغَشَشتَ رَعِيَّتَكَ، وتَبَوَّأتَ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ، فَبُعدا لِلقَومِ الظّالِمينَ !۴
۲ / ۲
مُواجَهاتُ الإِمامِ علیه السلام مَعَ مُعاوِيَةَ مُباشَرَةً
۱۹۵.تاريخ اليعقوبي: قالَ مُعاوِيَةُ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليهالسلام: يا أبا عَبدِ اللّهِ ! عَلِمتَ أنّا قَتَلنا
1.. فلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا ؛ إذا انتسب إليه الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۲۷ «نحل» .
2.. جشمت الأمر ـ بالكسر ـ : إذا تكلّفته على مشقّة الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۸۸ «جشم» .
3.. تُوبِقُ دِينَكَ : أي تُهلكه وتضيّعه مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۰۰ «وبق» .
4.. أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۲۸ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۱ و ۲۰۲ .