179
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

د ـ الإمام الحسين عليه‏السلام في عهد خلافة أبيه (۳۵ ـ ۴۰ ه)

قضى الحسين عليه‏السلام ستّة وثلاثين عاما من عمره الشريف في رفقة أبيه، وقد تزامنت السنوات الخمس الأخيرة منها تقريبا مع حكم أمير المؤمنين عليه‏السلام.

فكان الحسين عليه‏السلام الساعد القوي والجنديّ المطيع لأبيه في الميادين المختلفة، من حين بيعة الناس للإمام عليّ عليه‏السلام وحتّى لحظة استشهاده. فقد اعتلى المنبر بعد بيعة الناس لعليّ عليه‏السلام وبأمرٍ منه، وخطب بالناس قائلاً:

سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وهُوَ يَقولُ: «إنَّ عَلِيّا هُوَ مَدينَةُ هُدًى ؛ فَمَن دَخَلَها نَجا، ومَن تَخَلَّفَ عَنها هَلَكَ».۱

وحضر معركة الجمل مع أخويه الحسن عليه‏السلام ومحمّد بن الحنفية، وكانت له قيادة الميسرة. وفي صفّين خطب في الكوفيّين قبل بدء المعركة، وكان يقود الفرسان إلى جانب أخيه طوال المعركة. وكانت له قيادة عشرة آلاف محارب في الحرب الّتي لم تتمّ بسبب استشهاد أميرالمؤمنين عليه‏السلام.

وكان يوصي ابنه الحسن عليه‏السلام بالحسين عليه‏السلام قائلاً:

وأمّا أخوكَ الحُسَينُ فَهُوَ ابنُ اُمِّكَ ولا أزيدُ۲ الوَصاةَ بِذلِكَ، وَاللّه‏ُ الخَليفَةُ عَلَيكُم.۳

وله وصية طويلة قيّمة خاصّة للحسين عليه‏السلام، أوّلها:

يا بُنَيَّ، اُوصيكَ بِتَقوَى اللّهِ فِي الغِنى وَالفَقرِ، وكَلِمَةِ الحَقِّ فِي الرِّضى وَالغَضَبِ، وَالقَصدِ فِي الغِنى وَالفَقرِ، وبِالعَدلِ عَلَى الصَّديقِ وَالعَدُوِّ، وَبِالعَمَلِ فِي النَّشاطِ وَالكَسَلِ، وَالرِّضى عَنِ اللّهِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ....۴

1.. التوحيد: ص ۳۰۵، الأمالي للصدوق: ص ۴۲۳ ح ۵۶۰، بحار الأنوار: ج ۱۰ ص ۱۱۷ ح ۱ .

2.. في بحار الأنوار : ج ۴۲ ص ۲۰۳ و ج ۷۸ ص ۹۹ «اُريد» بدل «أزيد» .

3.. الأمالي للمفيد: ص ۲۲۰ ح ۱، الأمالي للطوسي: ص ۸ ح ۸.

4.. تحف العقول: ص ۸۸، بحار الأنوار: ج ۷۷ ص ۳۶ ح ۱ .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
178

وبشأن هذه النقول يجب الالتفات إلى عدّة اُمور:

۱. لا يمكننا نفي حدوث أمر كهذا من الأساس؛ نظرا لكثرة النقول، لكنّ تبرير فعل الإمام عليّ عليه‏السلام هذا واضح، فهو يريد دفع تهمة المشاركة في قتل الخليفة الثالث نظرا لمخالفته له.

ومن ناحية اُخرى، أراد الإمام اجتناب الفتن الكبيرة بين المسلمين، كما وقع ـ بالفعل ـ حيث جعل طلب ثأر الخليفة الثالث حجّة لإشعال نيران حروب كالجمل وصفّين والنهروان. وهذان الهدفان كافيان لقيام الإمام بهذا العمل.

۲. لا أساس من الصحّة لبعض التفاصيل المنقولة حول هذه الحادثة، كإرسال طلحة والزبير أبناءهما للدفاع عن عثمان، أو غضب أمير المؤمنين عليه‏السلام لعودة الحسنين عليهماالسلام من دار عثمان ومقتل الخليفة.

أمّا بطلان الأمر الأوّل فواضح لا يحتاج إلى دليل ؛ لأنّ المصادر التاريخيّة متّفقة على شدّة عداء طلحة والزبير وعائشة للخليفة الثالث. وأمّا بطلان الأمر الثاني فمؤكّد ؛ بسبب عصمة الحسنين عليهماالسلام وعدم تقصيرهما في أداء واجبهما، فليس هناك ما يغضب أمير المؤمنين عليه‏السلام، إضافة إلى تصريح الإمام عليّ عليه‏السلام مرارا بأنّه ما ساءهُ قتلُ عثمانَ ولا سَرّهُ.۱

۳. لا يدلّ موقف الإمام عليّ عليه‏السلام في الدفاع عن الخليفة الثالث على تأييده لمنهجه في الحكومة أو مشروعيتها أبدا، فقد نبّهه أيّام خلافته كرارا ومرارا، صراحةً وإيماءً، على الانتهاكات الّتي حصلت في ظلّ حكومته.۲

وفي الختام نؤكّد على أنّ ما نُقل عن أهل البيت عليهم‏السلام والإمام الحسين عليه‏السلام في هذا العهد قليل جدّا ؛ وذلك بسبب العزلة الّتي كانوا يعيشونها في هذه الفترة.

1.. راجع : الغدير : ج ۹ ص ۶۹ .

2.. راجع : موسوعة الإمام علي ابن أبي طالب عليه‏السلام : ج۸ الفهارس ص۳۹۹ ـ ۴۰۸ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14680
صفحه از 895
پرینت  ارسال به