109
منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام

ثمّ إنّ الوالي كتب فيما بعد القصّة بالتفصيل إلى السلطان عبدالحميد، فأوكل إليه سدانة مرقد السيّدة زينب، والمرقد الشريف للسيّدة رقيّة، والمرقد الشريف لاُمّ كلثوم وسكينة، ويتولّى الآن السيّد الحاج عبّاس ابن السيّد مصطفى ابن السيّد إبراهيم السابق الذكر إدارة هذه العتبات المقدّسة (انتهى).

ويبدو أنّ هذه القضية حدثت في حدود عام ألف ومئتين وثمانين.۱

وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ما جاء في هذه الرواية ـ من أنّ الوجهاء وعلماء الشيعة والسنّة شهدوا هذه الحادثة ـ فإنّ الملاحظة الّتي تستحقّ الاهتمام هي: لماذا لم ينقل أحد هذه الحادثة المهمّة سوى المتولّين للمشهد المذكور، رغم وجود الدواعي الكثيرة إلى نقل هذه الحوادث وتسجيلها۲ ؟ فنحن نلاحظ أنّ شخصية مثل السيّد محسن الأمين لم يشر إلى هذه الحادثة في روايته، رغم أنّه كان متواجدا في المنطقة، بل إنّه كتب حول هذا المرقد قائلاً:

رقيّة بنت الحسين عليه‏السلام يُنسب إليها قبر ومشهد مزور بمحلّة العمارة من دمشق، اللّه‏ أعلم بصحّته، جدّده الميرزا علي أصغر خان وزير الصدارة في إيران عام ۱۳۲۳، وقد أرَّختُ ذلك بتاريخ منقوش فوق الباب أقول فيه من أبيات:

لَهُ ذو الرُّتبَةِ العُليا عَليٌّ

وَزيرُ الصَّدرِ في إيرانَ جَدَّدْ

وَقَد أرَّختُها تَزهو سَناءً

بِقَبرِ رُقَيَّةٍ مِن آلِ أحمَد۳

وعلى هذا، فإنّ من غير الممكن إبداء رأي حاسم حول موضوع هذه الدراسة استنادا إلى المصادر الروائية والتاريخيّة، ولكنّ الكرامات الّتي شوهدت وتشاهد من هذا المرقد المبارك تؤيّد مكانته المعنوية. وعلى أيّ حال، فإنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ

1.. منتخب التواريخ «بالفارسيّة» : ص ۳۸۸ .

2.. علما أنّ اثنين من السلاطين لعثمانيين كانوا بهذا الاسم : عبدالحميد الأوّل ۱۱۸۷ ـ ۱۲۰۳ ه . ق وعبدالحميد الثاني (۱۲۹۳ ـ ۱۳۳۷ ه . ق) وزمان حكومتهما لم يكن في حدود عام ۱۲۸۰ الوارد في متن كتاب منتخب التواريخ .

3.. أعيان الشيعة : ج ۷ ص ۳۴ .


منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
108

وهي تقول: «قولي لأبيكِ أن يقول للوالي إنّ الماء جرى بين قبري ولحدي، وإنّ جسمي قد تأذّى، فقولي له أن يصلح قبري ولحدي».

فقصّت ابنته الحلم على السيّد، ولكنّه لم يعمل شيئا خوفا من أهل السنّة. وفي الليلة التالية رأت ابنة السيّد الوسطى الحلم نفسه وقصّته لأبيها، فلم يفعل شيئا في هذه المرّة أيضا، وفي الليلة الثالثة رأت ابنة السيّد الصغرى الحلم ذاته وقصّته على الأب، فلم يحرّك ساكنا في هذه المرّة أيضا، وفي الليلة الرابعة رأى السيّد نفسه السيّدة رقيّة في منامه وهي تعاتبه قائلة: «لماذا لم تخبر الوالي؟». فاستيقظ السيّد، وفي الصباح ذهب إلى والي الشام ونقل منامه إليه.

فأمر الوالي أن يخرج علماء الشام وصلحاؤها من السنّة والشيعة، ويغتسلوا ويرتدوا أنظف ثيابهم، وأن ينبش قبر السيّدة رقيّة المقدّس كلّ من انفتح له قفل باب الحرم، ويستخرج جثمانها الطاهر كي يُعمّر قبرها المطهّر. فأدّى كبار الشيعة والسنّة وصلحاؤهم آداب الغسل وارتدوا الملابس النظيفة، فلم ينفتح القفل لأيٍّ منهم إلاّ على يد السيّد، وبعد أن تشرّفوا بالدخول في وسط الحرم لم تؤثر معاولهم في الأرض إلاّ معول السيّد، ثمّ أخلوا الحرم وشقّوا اللّحد، فرأوا أنّ الجثمان الطاهر لهذه المخدّرة بين لحدها وكفنها صحيح وسالم، غير أنّ ماءً كثيرا تجمّع في وسط اللّحد، فاستخرج السيّد جثمان المخدّرة الشريف من وسط اللّحد ووضعه على ركبتيه، وأبقاه لثلاثة أيّام على ركبتيه وهو يبكي بشكل متواصل، حتّى أصلحوا لحد المخدّرة من الأساس، وعندما كان يحين وقت الصلاة كان السيّد يضع جثمان المخدّرة على شيءٍ نظيف ثمّ يرفعه بعد الفراغ من ذلك ويضعه على ركبتيه، حتّى فرغوا من تعمير القبر واللّحد، فدفن السيّد جثمان المخدّرة. وبفضل كرامة هذه المخدّرة ومعجزتها كان السيّد خلال الأيّام الثلاثة في غنى عن الطعام والماء وتجديد الوضوء، وعندما أراد أن يدفنها دعا اللّه‏ أن يرزقه ولدا، فاستجاب اللّه‏ له ورزقه على كبره ذكرا سمّاه مصطفى.

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الامام الحسین علیه السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ سيد محمود الطباطبائي نژاد؛ السيّد روح الله السيّد طبائي؛ تلخیص: مرتضي خوش نصيب
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16211
صفحه از 895
پرینت  ارسال به