« لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِاُّولِى الْأَلْبَبِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍ وَ هُدًى وَ رَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ».۱
والتمثيل القصصي يبيّن قصص الاُمم الغابرة للأجيال القادمة، وكلّ قصص القرآن من هذا القبيل، وتشتمل في الحقيقة على نوع من التشبيه الخفيّ، وهو تشبيه اللاحقين بالماضين؛ ولذلك سمّى القرآن العذاباب النازل على الاُمم السابقة ب «المَثُلات»: « وَ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ».۲
ومن هذه الآيات:
« ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيًْا وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ».۳
وفي المقابل اعتبر بعض آخر قصص القرآن ليست تمثيلية، وذكروا أنّ التمثيل هو تنزيل المعارف السامية وترقيقها بواسطة ضرب المثل؛ وأمّا القصص القرآنية فهي بيان الأحداث الحقيقية للاُمم السابقة، وادّعوا أنّ القرآن يذكر قرينة كلّما أراد أن يبيّن تمثيلاً كي يحول دون الخطأ، واستشهدوا بسورة «الحشر» التي يذكر فيها تمثيلاً لبيان عظمة القرآن، ويذكر في نهايتها بوصفها قرينة:
« وَ تِلْكَ الْأَمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ »۴.۵
والقسم الثالث من أقسام التمثيل هو التمثيل الطبيعي، وهو تشبيه غير المحسوس بالمحسوس، شريطة أن يكون المشبّه به من اُمور المخلوقات:
« إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِنَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعَمُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَ ازَّيَّنَتْ ».۶