443
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

وشمولية التمثيلات القرآنية وسعتها بحيث تشمل: الأشخاص، الأقوال، الأفكار، الأحداث التاريخية المختلفة، الروحيّات المختلفة للبشر، وغير ذلك، هي من الخصوصيّات المقتصرة على هذا الكتاب الإلهي. ومن الخصوصيّات الاُخرى للتمثيلات القرآنية: المقارنة بين المفاهيم المتعارضة والمتشابهة؛ لأنّ للارتباط بين المفاهيم دوراً مهمّاً في فهم الموضوعات وتعلّمها، مثل:
« مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى‏ وَ الْأَصَمِ‏ّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ».۱

ويعمد القرآن الكريم في كلّ موضع ذكر فيه المَثَل إلي ذكر المُمَثَّل بالبراهين العقلية قبل المثل أو بعده، ويذكر إلى جانبه مَثَلاً لتقريب المعنى من فهم الأشخاص متوسّطي الإدران، كأن يبيّن أحياناً المعرفة السامية للتوحيد الربوبي ببرهان التمانع وعلى شكل قياس استثنائي:
« لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ».۲

وقد يبيّنه في قالب مثل بسيط أحياناً نظير رجل مملوك لعدّة أسياد مختلفين يريد كلّ واحد منهم أن يستخدمه في عمل، فلا تصحّ مقارنته برجل له مولى واحد، فهما لا يتساويان أبداً:
« ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ».۳

وحصيلة ذلك البرهان العقلي وهذا المثل الحسّي: هي أنّ عالم الخلق إذا اُدير من قبل عدّة مدبّرين فسوف يختلّ نظامه.۴

1.هود: ۲۴.

2.الأنبياء: ۲۳.

3.الزمر: ۲۹.

4.تفسير تسنيم: ج ۱ ص ۳۲۷.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
442

تشبيه ومجاز في هذا المجال؛ وعلى هذا فعندما يشبّه اللَّه تعالى الإنسان ب «الحمار» أو «الكلب» فاستناداً إلى الرأي الأول: ليس الإنسان حماراً في الحقيقة، ولكنّه شبّه بهذا الحيوان؛ لأنّه محروم من فهم الحقائق كالحمار. في حين أنّ هذا التمثيل يبيّن حقيقته المثالية استناداً إلى الرأي الثاني، وفي الموضع الذي تظهر فيه حقائق الأشياء، تظهر حقيقته المثالية أيضاً؛ ولذلك يحشرون في القيامة على صور الحيوانات.۱

ويجمع «المَثَل» و«المِثْل» في القرآن على صيغة «الأمثال»، وعلى سبيل المثال فإنّ كلمة «الأمثال» هي جمع لكلمة المِثل في الآية « وَ إِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَلَكُم »،۲و في الآية « تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُنَ »۳، هي جمع المَثَل.

خصوصيّات التمثيلات القرآنية وأهدافها

فضلاً عن ما ذكر في فوائد التمثيل وخصائصه، فإنّ بالإمكان التوصّل إلى هدف التمثيلات القرآنية من آيات القرآن نفسها؛ لأنّ القرآن أكّد في بعض الآيات على ضرورة استخدام المثل والأمثال لبيان أغراضه ومعارفه، ومن هذه الآيات:
« وَ لَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِ‏ّ مَثَلٍ ».۴« وَ تِلْكَ الْأَمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَلِمُونَ ».۵« وَ تِلْكَ الْأَمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ».۶

1.تفسير تسنيم: ج ۲ ص ۳۳۱.

2.محمّد: ۳۸.

3.إبراهيم: ۲۵.

4.الإسراء: ۸۹.

5.العنكبوت: ۴۳.

6.الحشر: ۲۲.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34618
صفحه از 618
پرینت  ارسال به