441
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

« أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ».۱

وأحياناً بمعنى العبرة وما تستلهم منه، مثل:
« فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَ مَثَلاً لِّلْأَخِرِينَ ».۲

كما استعمل في بعض المواضع بمعنى النموذج والاُسوة؛ مثل:
« ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيًْا وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ».۳

والوصف والتوصيف هما من المعاني الاُخرى للمثل في القرآن، حيث تمكن الإشارة على سبيل المثال إلى هذه الآية:
« مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَ أَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ».۴

ولكن بلحاظ آيات القرآن يتحصّل أنّ الاستعمال الأكثر للمثل في القرآن يعود إلى نفس معناه الأصلي، أي «التمثيل والتشبيه»، ومن جملة ذلك:
« أَلَمْ تَرَكَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ ».۵

وفضلاً عن كلّ ذلك فإنّ للمتخصّصين رأيين في تحليل الأمثال القرآنية، وهما:

الأوّل: أنّ هذه الأمثال هي مجرّد تشبيه ولم تبيّن إلّا لتقريب المعارف السامية إلى أذهان البشر.

والثاني: أنّ الأمثال هي المبيّنة للوجود المثالي لتلك الحقائق، ولا يوجد أيّ

1.البقرة: ۲۱۴.

2.الزخرف: ۵۶.

3.التحريم: ۱۰.

4.محمّد: ۱۵.

5.إبراهيم: ۲۴.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
440

إنّ المقصود من ضرب الأمثال أنّها تؤثّر في القلوب ما لا يؤثّره وصف الشي‏ء في نفسه؛ وذلك لأنّ الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي، والغائب بالشاهد... ألا ترى أنّ الترغيب إذا وقع في الإيمان مجرّداً عن ضرب مثل له لم يتأكّد وقوعه في القلب كما يتأكّد وقوعه إذا مثّل بالنور،وإذا زهد في الكفر بمجرّد الذكر لم يتأكّد قبحه في العقول كما يتأكّد إذا مثّل بالظلمة، وإذا أخبر بضعف أمر من الاُمور وضرب مثله بنسج العنكبوت كان ذلك أبلغ في تقرير صورته من الأخبار بضعفه مجرّداً؛ ولهذا أكثر اللَّه تعالى في كتابه المبين وفي سائر كتبه أمثاله، قال تعالى: « وَ تِلْكَ الْأَمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ »۱.۲

أقسام التمثيل‏

ذكر مؤلّف جواهر الأدب أنّ الأمثال تنقسم إلى ثلاثة أقسام: المفترضة الممكنة، والمخترعة المستحيلة، والمختلطة، والمراد من المفترضة الممكنة الأمثال التي يعبّر عنها لسان الإنسان وتتناول سلوكه وأفعاله. في حين أنّ الأمثال المخترعة المستحيلة: هي الأمثال التي يدلي بها المتكلّم على لسان الحيوانات والجمادات، وينسب إليها أقوال ذوي العقول وأفعالهم، مثل قصص كليلة ودمنة. والمختلطة: هي الأمثال التي يتدخّل فيها الإنسان والحيوانات والجمادات في القول والفعل، مثل قصّة سليمان والنملة.۳

المَثَل في القرآن‏

استعمل القرآن المثل في معان عديدة۴، فقد جاء أحياناً بمعنى قصص المتقدّمين والأحداث التي جرت عليهم، مثل:

1.العنكبوت: ۴۳.

2.تفسير الفخر الرازي: ج ۲ ص ۷۲ - ۷۳.

3.جواهر الأدب: ج ۱ ص ۲۸۷ - ۲۸۸.

4.راجع: البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۴۸۸ - ۴۹۲؛ الإتقان في علوم القرآن: ج ۲ ص ۳۴۴ - ۳۴۹؛ الأمثال في القرآن الكريم: ص ۴۳ - ۵۷.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34454
صفحه از 618
پرینت  ارسال به