439
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

وضوحاً وسلاسة وشمولاً۱. وعلى حدّ قول الجرجاني فإنّ التمثيل إذا دعم الكلام، أو حلّ التمثيل محلّ الكلام، وتحوّل من الصورة الأصلية إلى صورة المَثَل، فسوف تشمله الفخامة ويكتسب فضلاً يزيد من قيمته، ويوّجّح توقّده. وفضلاً عن ذلك، فإنّه يرفع قوّة الكلام، وسوف يكون له تأثير أكثر وأفضل في إثارة النفوس وجذب القلوب.۲

ورأى صدر المتألّهين أنّ الهدف الرئيس من التمثيل هو إيضاح المعنى المعقول، وإزالة الإبهام عن وجهه، وتقديم ذلك المعنى في صورة المشاهد والمحسوس؛ كي تسارع إلى تعزيزه قوّة الوهم من دون أن تسبّب الإرهاق لقوّة العقل؛ لأنّ عقل الإنسان لا يمكنه - مادام مقترناً بهذه القوى الحسّية - أن يدرك روح المعنى وجوهره من دون اقتران قوّة الوهم به وتصويرها.۳

ويذكر العلّامة الطباطبائي:
وهذا المعنى أعني اختلاف الافهام وعموم أمر الهداية مع ما عرفت من وجود التأويل للقرآن هو الموجب أن يساق البيانات مساق الأمثال وهو أن يتخذ ما يعرفه الانسان ويعهده ذهنه من المعاني فيبين به ما لا يعرفه لمناسبة ما بينهما.۴

وعلى حدّ قول الزمخشري، فإنّ المثل يميط اللثام عن المعاني المخفية، ويوضح الملاحظات المبهمة حتّى يبدو الأمر المتخيَّل وكأنّه أمر متحقّق، ويحلّ أمر وهمي محلّ أمر متيقَّن منه، ويتجلّى الغائب كالحاضر والشاهد؛ ولذلك فقد جاء الكثير من الأمثال في القرآن والكتب الإلهية الاُخرى، وجاء النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله والأنبياء الكبار الآخرون والعلماء بالكثير من الأمثلة.۵

وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير:

1.مجمع الأمثال: ص ۲۰.

2.أسرار البلاغة: ص ۱۰۱ - ۱۰۲.

3.تفسير القرآن الكريم: ج ۲ ص ۱۹۲ - ۱۹۳.

4.راجع: الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۶۱.

5.الكشاف: ج ۱ ص ۹۵؛ البحر المحيط: ج ۱ ص ۱۲۳.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
438

عن ذلك، فقد اكتسب المثل استعمالات مختلفة في المعنى، مع المحافظة على معناه الأصلي، فاستعمل بمعنى القصّة والقول المشهور والنموذجي، والحكمة النافعة، والصفة، والدليل والعبرة.۱

واصطلاح «ضرب المثل» أو «التمثيل» في علم البيان منسجم مع مفهومه اللغوي، وهو عبارة عن التشبيه الذي يؤدّي إلى بيان قصد المتكلّم بنحو أفضل‏۲. ويحدث المَثَل في قالب تشبيه التمثيل أحياناً، وأحياناً في قالب الاستعارة المركّبة التي انتزع فيها وجه الشبه من اُمور متعدّدة، سواء كان المشبّه به من الاُمور الحسّية أم غير الحسّية۳، أم أشار إلى حقيقة خارجية أم فرضية وخيالية.۴

خصائص التمثيل وفوائده‏

يمكن اعتبار تسهيل الفهم والإسراع به من أبرز فوائد التمثيل؛ لأنّ المفاهيم المعقولة قد تكون أحياناً دقيقة ومعقّدة بحيث لا يمكن فهمها وتفهيمها للغير إلّا عن طريق التمثيل؛ ولذلك اعتبر الكثيرون التمثيل تشبيه المعقول بالمحسوس.۵

وتحدّث العلماء كثيراً عن فوائد التمثيل، فاعتبر ابن الاثير التمثيل مشتملاً على ثلاث خصائص: هي المبالغة، البيان، الإيجاز۶. وعلى قول النظّام: إنّ في التمثيل أربع خصائص لا توجد في الأقوال الاُخرى، وهي: إيجاز اللفظ، إيصال المعنى المطلوب، جمال التشبيه، لطافة الكناية۷. واعتبر ابن المقفّع الكلام التمثيلي أكثر

1.الكشّاف: ج ۱ ص ۷۲؛ البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۴۹۰؛ لسان العرب: ج ۱۱ ص ۶۱۲ مادة «مثل» نثر طوبى: ج ۲ ص ۳۸۵.

2.راجع: جواهر الأدب: ج ۲۶۰، مجمع الأمثال: ص ۲۰؛ مفردات ألفاظ القرآن: ص ۸۲۱ مادة «مثل».

3.مختصر المعاني: ص ۱۹۶ - ۱۹۷ و ۲۲۵؛ نثر طوبى: ج ۲ ص ۳۸۵.

4.الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۴ ص ۴۰۸.

5.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۴۸۸؛ الإتقان في علوم القرآن: ج ۲ ص ۳۴۴؛ الإنصاف: ج ۱ ص ۲۱۸.

6.المثل السائر: ج ۲ ص ۱۲۲.

7.مجمع الأمثال: ص ۲۰.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34647
صفحه از 618
پرینت  ارسال به