الحقّ، أو للنزاع وحبّ الرئاسة:
« وَ كَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلًا ».۱
« وَ قَالُوا ءَأَالِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ».۲
وفي مقابل الآيات التي طرحت الجدال الأحسن هنالك آيات كثيرة تنهى عن المناظرة والجدال المذموم؛ مثل:
« مَا يُجَادِلُ فِى آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَادِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَ جَدَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ».۳
وقد وردت الإشارة في هذه الآيات إلى اُسلوب المتمسّكين بغير الحقّ لإثبات كلامهم الباطل، حيث يسعون بأنواع السفسطات والمعاذير لإبطال الحقّ وإغواء الناس البسطاء. ومن المجادلة بالباطل: السخرية، التهديد، الافتراء، الإنكار من دون دليل، وما إلى ذلك. وقد نُهي بشدّة عن هذا النوع من المجادلات الذي لم تتمخّض عنه سوى الابتعاد عن الحقّ، وظلام القلب، وتجذّر الخصومات والأحقاد.
والمصدر الرئيس للمجادلة بالباطل هو الكبر والغرور والأنانية وعبادة الأهواء، ومنبع الكبر هوالجهل، حيث وردت الإشارة إلى كلّ ذلك في الآيات المذكورة. كما أنّ الإنكار من دون دليل هو أيضاً من المجادلة بالباطل؛ وبناء على ذلك، فإنّ مجادلة المعارضين بالحقّ لا تجوز ولا تجب إلّا على الأشخاص الذين يتمتّعون بالقدرة على إثبات الحقّ؛ ولذلك فإنّ الإمام الصادق عليه السلام لم يكن يمنح الإذن بالمناظرة لأحد سوى أشخاص مثل حمزة بن محمّد(الطيّار) وأمثاله.۴