وليد روحه، ويميل إليه ويعتبره نتيجة فكره. واستفهامية الكثير من حقائق القرآن التوحيدية تشهد بهذا المعنى؛ كما يجب اجتناب كلّ ما يثير عناد المخاطب:
« وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوَاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ».۱
كما يجب الالتزام بالحدّ الأقصى من الإنصاف بشأن كلّ شخص؛ كي يشعر المخاطب بأنّ هدف المتكلّم إيضاح الحقائق؛ فالقرآن يتحدّث عن المنافع الجزئية والماديّة والاقتصادية للشراب والقمار، وفي الوقت نفسه يبيّن مضارّهما:
« قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ».۲
وتعتبر مناظرة النبيّ صلى اللّه عليه و آله مع الطوائف الخمس (اليهود، النصارى، الدهريين، الثنوية، المشركين) نموذجاً من الجدال بالتي هي أحسن.۳
وللمفسّرين أقوال مختلفة في الجدال بالتي هي أحسن، فقد قال بعضهم - معتبراً اُسلوب الجدال مقياساً - : الجدال بالتي هي أحسن هوالجدال الذي يكون مقترناً باللين والمداراة وحسن المعاشرة ۴ بحيث لا يثير عداء الطرف المقابل ولا يجرح مشاعره.۵
واعتبر بعض آخر الجدال بالتي هي أحسن: الجدال الذي يتشكّل من المقدّمات المقبولة لدى عامّة الناس أو طرف الجدال من خلال الاستناد إلى المقدّمات التي يتوقّف الجدال عليها.۶
وأدخل بعض ثالث النيّة والهدف، واعتبر الجدال بالتي هي أحسن المحاجّة التي تقترن بالرفق واللين واللطافة والصفح والإحسان في مقابل الإساءة، وبنيّة الخير ونصرة الحقّ، ويتجنّب فيه رفع الصوت، والكلام البذيء، والتجبّر والاستهزاء.۷
1.الأنعام: ۱۰۸.
2.البقرة: ۲۱۹.
3.بحار الأنوار: ج ۹ ص ۲۵۷.
4.الكشّاف: ج ۲ ص ۴۳۵، تفسير النسفي: ج ۱ ص ۵۲۹.
5.مجمع البيان: ج ۶ ص ۲۱۱.
6.تفسير الفخر الرازي: ج ۲۰ ص ۱۳۹.
7.التبيان في تفسير القرآن: ج ۶ ص ۴۴۰، التفسير الوسيط: ج ۲ ص ۱۳۱۹.