413
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

واستعملت المجادلة في القرآن من مجموع مواضع استعمالها في ثلاثة مواضع فقط بالمعنى الإيجابي‏۱، وجاءت في المواضع الاُخرى بالمعنى المذموم.

البراهين الجدلية للقرآن الكريم‏

يشتمل القرآن الكريم على أنواع البراهين والأدلّة، وما من نوع من البراهين يقوم على كلّيات المعلومات العقلية والسمعية إلّا ودار الحديث عنه في القرآن.۲

والاستدلالات الجدلية في القرآن هي من مباحث العلوم القرآنية، ودار الحديث عن أنواعها بالتفصيل في كتب علوم القرآن، مثل: برهان السبر والتقسيم‏۳، القول الموجَب‏۴، اُسلوب الحكيم‏۵، الاستدراج‏۶.۷

ويقسّم الجدال من وجهة نظر القرآن - في تقسيم عام - إلى قسمين: الجدال المحمود (الأحسن)، والجدال المذموم (الباطل). وسوف نقوم في هذا البحث بدراسة إجمالية وجيزة لبعض الآيات من القرآن الكريم في هذا المجال.

الجدال بالتي هي أحسن‏

الجدال بالتي هي أحسن أو المحمود: هو مناظرة لإثبات الحقّ وردّ الباطل، ونتيجته الرشاد والهداية، وقد ذكره القرآن الكريم بتعبير «الجدال بالتي هي أحسن» وشجّع عليه:

1.النحل: ۱۲۵، العنكبوت: ۴۶، المجادلة: ۱.

2.الإتقان في علوم القرآن: ج ۲ ص ۱۷۲.

3.الأنعام: ۱۴۳ - ۱۴۵.

4.المنافقون: ۸، التوبة: ۶۱.

5.البقرة: ۱۸۹ و ۲۱۵

6.سبأ: ۲۵.

7.التمهيد في علوم القرآن: ج ۵ ص ۵۱۱ - ۵۱۶.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
412

خلفية الجدل في الإسلام‏

تعدّ محاورات النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله ومراسلاته هو وأتباعه مع المشركين واليهود والنصارى والملوك؛ لإقناعهم والدفاع عن المبادئ العقيدية للإسلام، من النماذج البارزة للمجادلة بالتي هي أحسن.

واشتدّت المجادلات والنزاعات السياسية والعقيدية بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله على إثر ظهور الفرق المذهبية والاختلاف بينها، فقد مارست مذاهب مختلفة مثل: الشيعة والخوارج والقدرية والمرجئة الكثير من الجدل؛ كي تثبت كلّ منها أحقّيتها والردّ على معتقدات معارضيها. وكان لكلّ من القدرية والمعتزلة من بين المذاهب الكلامية، مجادلات مع المعارضين، كلّ على أساس اُصوله وطريقته الكلامية، وانتشرت المجادلات العقائدية في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع، حيث التحق الأشاعرة والماتريدية بالفرق الكلامية اعتراضاً على المذهبين الكلاميين للمعتزلة والشيعة، ممّا أدّى إلى وضع قواعد لتنظيم الجدل.۱

وعلى حدّ قول ابن خلدون‏۲، فإنّ الجدل: هو معرفة آداب المناظرات التي تقام بين أتباع المذاهب وما إليها. وقد ظهر هذا الفنّ عندما انتشر النقاش والمناظرة في الردّ على المسائل أو قبولها، وكان الطرفان يتحدّثان عند النقاش والجدال بنحو غير ملتزم، ويخلطان بين الأدلّة الصحيحة والسقيمة.

وجدير بالذكر أنّ الاستدلال والمناظرة والمناقشة في الكلام، إن كان لإيضاح الحقّ وإرشاد الجاهل، فإنّه ممدوح، بل إنّه واجب في الكثير من المواضع، ولم يعارضه القرآن الكريم فحسب، بل أكّده في بعض الآيات (۲۹ مرّة في ستّ عشرة سورة). وكانت احتجاجات الأنبياء عليهم السلام على منكري الوحي والنبوّة باُسلوب الجدال الأحسن، هي نماذج بيّنة من المجادلة بالتي هي أحسن.

1.دانش‏نامه جهان اسلام: ج ۹ ص ۷۱۶.

2.تاريخ ابن خلدون: ج ۱ ص ۴۵۷.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 37124
صفحه از 618
پرینت  ارسال به