411
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

والمسلّمات: هي القضايا التي تعتبر صادقة بسبب توافق الناس عليها والتسليم بها، سواء كانت صادقة واقعاً أم كاذبة أم مشكوكاً بها۱. وإذا كان الهدف في المناقشات والمناظرات الجدلية إفحام الخصم، فتستخدم المسلّمات في الاستدلال، وإذا كان المراد هداية الطرف المقابل وإرشاده، فإن لم يكن مستعدّاً لإدراك البرهان، جعل قادراً على إدراك الحقيقة من أقرب طريق.۲

جدير ذكره أنّ السائل يطرح في الجدل أسئلة تدريجية كي يقترب في النهاية من غرضه، وهو إسكات الخصم، ويوجّهه بمهارةٍ نحو الاعتراف والتسليم بالمقدّمات المسلتزمة لنقض الوضع، وحينئذ يشكّل قياساً جدلياً بالمقدّمات التي اعترف بها المجيب كي ينقض بها وضعه؛ كما يسعى المجيب لأن يحافظ على وضعه عن طريق تشكيل قياس من المشهورات التي يقبلها السائل ولا يذعن الإلزام.۳

وإذا كان الجدل في طريق الحقّ ومستنداً إلى المنطق ولبيان الحقائق وإرشاد الجاهلين، فإنّه ممدوح؛ وإن كان يعتمد على أدلّة واهية وناجماً عن التعصّب والجهل والغرور، ويكون هدفه الاستغفال، فإنّه مذموم. وقد دار الحديث في القرآن الكريم عن كلا قسميه.۴

يقول ابن سينا: إنّ الجدل مفيد في المواضع التالية:

۱. الردّ على الأشخاص المدّعين للعلم وإفحامهم، والأشخاص السالكين للطريق الخاطئ، وغير القادرين على إدراك الحقيقة عن طريق البرهان.

۲. الأشخاص الذين يريدون التوصّل إلى العقيدة الحقّة وقبولها، إلّا أنّهم لا يستطيعون سلوك طريق البرهان.۵

1.المنطق : ص ۳۵۱.

2.المنطق : ص ۳۸۶ - ۳۹۰.

3.دانش‏نامه جهان اسلام: ج ۹ ص ۷۱۰ - ۷۱۲؛ التعريفات : ص ۸۸؛ الشفاء (البرهان): ج ۳ ص ۵۵.

4.راجع: بحار الأنوار: ج ۷۰ ص ۴۰۰.

5.الشفاء : ج ۳ ص ۵۰ - ۵۲؛ دانش‏نامه جهان اسلام: ج ۹ ص ۷۱۵.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
410

والكمال، وفي الجدال التحقير وقهر الطرف المقابل؛ والجدال في المسائل العلمية والمراء أعم منه؛ والمراء له طابع دفاعي والجدال أعم منه.۱

ويمكن اعتبار المعنى الاصطلاحي للجدل مأخوذاً من المعنى اللغوي «الطرح أرضاً»، أي: كأنّ المجادل يتغلّب على منافسه ويطرحه أرضاً؛ كما يمكن إحالته إلى معنى «فتل الحبل»، أي: إنّ المجادل يلوي الخصم ويحوله دون رأيه.۲

ومن المفيد ذكره أنّ الجَدَل ومشتقّاته وردت ۲۹ مرّة في القرآن، واستعملت في معاني مجادلة الحقّ والباطل والدفاع. وقد استعملت معظم المعاني القرآنية للجدل في الذمّ.

الجَدَل في اصطلاح المنطق‏

الجدل في اصطلاح علماء المنطق: صناعة علمية تتحصّل منها القدرة على إقامة الحجّة على كلّ مطلوب من المقدّمات المسلّم بها. وللجدل بهذا المعنى مفهومان:

۱. مطلق وكلّي يستعمل في كلّ العلوم.

۲. خاصّ يكون المراد منه أحد أقسام صناعات المنطق الخمس: (البرهان، الخطابة، المغالطة، الشعر، الجدل) ومن أقسام القياس.

والجدل أو القياس الجدلي في المنطق: قياس مؤلّف من المشهورات والمسلّمات، والغرض منه إلزام الخصم و إ فحام الشخص القاصر عن إدراك مقدّمات البرهان.

والمشهورات: هي القضايا التي اشتهرت بين الناس وقبلها الجميع أو معظم الناس أو مجموعة من العقلاء. والقضايا المشهورة على قسمين: بالمعنى الأعمّ والمعنى الأخصّ، وقد جاء إيضاحها في علم المنطق.۳

1.راجع: بحار الأنوار: ج ۷۰ ص ۳۹۹ - ۴۰۰.

2.راجع: مفردات ألفاظ القرآن : ص ۱۸۹ - ۱۹۰ مادّة «جدل».

3.المنطق : ص ۳۲۵ - ۳۸۶.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34725
صفحه از 618
پرینت  ارسال به