403
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

الجسد الواحد والمتماسك للقرآن.۱

۵ . يعمد الضارب - في كثير من مواضع ضرب القرآن بالقرآن - إلى تحليل الآيات من دون أن يتمتّع بالعلم المطلوب، ومن خلال نظرة سطحية، فيضع بعض الآيات في مقابل بعضها البعض، ويحرّم في بعض المواضع حلال اللَّه ويحلّل حرامه، في حين يجب الرجوع في مثل هذه المواضع إلى أهل العلم بالقرآن، كما تصرّح بذلك الروايات:
وَ ما جَهِلْتُم مِنهُ فَرُدُّوهُ إلى عالِمِه .۲

۶. تفيد بعض الروايات بأنّ ضرب القرآن بالقرآن، هو من مصاديق الجدال في القرآن‏۳. والمجادلة في القرآن إمّا أن تعني الجدال في عدم صدق القرآن، وهو ما يصدر من الكافرين لرفض القرآن‏۴؛ أو بمعنى الجدال في معاني القرآن، و هو ما يصدر من الجهلة، وقد نهت عنه الروايات في كلّ الأحوال.
لا تُجادِلوا فِى القُرآنِ فَإِنَّ جِدالاً فيهِ كُفرٌ .۵

۷. اعتبر ضرب القرآن بالقرآن - استناداً إلي بعض الآراء - من مصاديق التفسير بالرأي‏۶؛ ولأنّه يعني إعمال الرأي وفرضه على الآيات، فهو يختلف في الظاهر عن ضرب القرآن بالقرآن؛ إلّا أنّ الضارب - في الحقيقة - يحمّل القرآن رأيه ونظره الشخصيين، ثمّ يقدّمهما في إطار قرآني؛ وبناء على ذلك فإنّ ضرب القرآن بالقرآن يختلف عن التفسير بالرأي باعتبار أنّ القرآن نفسه قد استند إليه في ضرب القرآن بالقرآن، واستخدمت آية في مقابل الآية الاُخرى، أو تفسير الآية الاُخرى بشكل

1.تفسير تسنيم: ج ۱ ص ۹۹.

2.مسند ابن حنبل: ج ۲ ص ۱۸۵.

3.المعجم الأوسط: ج ۱ ص ۱۶۵، فيض القدير: ج ۱ ص ۱۶۵.

4.راجع: تفسير العيّاشي: ج ۱ ص ۱۸، بحار الأنوار: ج ۸۹ ص ۳۹؛ المصنّف لابن أبي شيبة: ج ۷ ص ۱۸۸.

5.راجع: ص ۳۲۲ ح ۱۷۶۶.

6.منية المريد: ص ۳۶۹، تفسير العيّاشي: ج ۱ ص ۱۸.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
402

۲. لا شكّ في أنّ ضرب القرآن بالقرآن لا يعني تفسير القرآن بالقرآن؛ لأنّ الكشف عن قصد المتكلّم من خلال أقواله الاُخرى، هو اُسلوب عقلاني، كما أنّ مفسّري النصوص المقدّسة استخدموا هذا الاُسلوب‏۱، فضلاً عن أنّ المفسّر يعمل - من خلال تفسير القرآن بالقرآن - على الكشف عن معنى الكلام الإلهي وتصديق بعض الآيات بمساعدة الآيات الاُخرى، في حين يكون من يضرب القرآن بالقران بصدد تكذيب القرآن بالقرآن عمداً أو جهلاً.

۳. استناداً إلى الروايات الكثيرة - ومن جملتها الروايات المذكورة - فإنّ آيات القرآن يصدّق بعضها بعضاً، ومن وجوه إعجاز القرآن عدم وجود التناقض والاختلاف استناداً إلى الآية ۸۲ من سورة النساء:
« وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ».

وبناء على ذلك فمن يعمل على إثبات وجود التناقض في القرآن ويضع بعض الآيات في مقابل بعضها البعض، عامداً أو جاهلاً، إنّما هو بصدد إبطال إعجاز القرآن الكريم، والتشكيك في نبوّة الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله ؛ ولذلك فقد اعتبرت الروايات مثل هذا الشخص كافراً:
ما ضَرَبَ رَجُلٌ القُرآنَ بَعضَهُ بِبَعضٍ إلّا كَفَرَ.۲

۴. يمثّل القرآن الكريم مجموعة متماسكة؛ ولذا فإنّ التمسّك بآية من دون الرجوع إلى الآيات الشارحة والمفسّرة، والالتفات إلى السياق، يستلزم إخراج تلك الآية من موضعها الخاصّ بها؛ وعلى هذا الأساس، فإن تفسير القرآن بالقرآن هو أساس المحافظة على انسجام القرآن وتماسكه، والتفسير من دون الاستعانة بالآيات القرآنية الاُخرى هو من قبيل قوله: « جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ »۳، أي: تمزيق

1.راجع: ساختار و تأويل متن: ص ۵۰۲.

2.راجع: ص ۳۹۴ ح ۱۷۷۰.

3.الحجر: ۹۱.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 37220
صفحه از 618
پرینت  ارسال به