۲. لا شكّ في أنّ ضرب القرآن بالقرآن لا يعني تفسير القرآن بالقرآن؛ لأنّ الكشف عن قصد المتكلّم من خلال أقواله الاُخرى، هو اُسلوب عقلاني، كما أنّ مفسّري النصوص المقدّسة استخدموا هذا الاُسلوب۱، فضلاً عن أنّ المفسّر يعمل - من خلال تفسير القرآن بالقرآن - على الكشف عن معنى الكلام الإلهي وتصديق بعض الآيات بمساعدة الآيات الاُخرى، في حين يكون من يضرب القرآن بالقران بصدد تكذيب القرآن بالقرآن عمداً أو جهلاً.
۳. استناداً إلى الروايات الكثيرة - ومن جملتها الروايات المذكورة - فإنّ آيات القرآن يصدّق بعضها بعضاً، ومن وجوه إعجاز القرآن عدم وجود التناقض والاختلاف استناداً إلى الآية ۸۲ من سورة النساء:
« وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ».
وبناء على ذلك فمن يعمل على إثبات وجود التناقض في القرآن ويضع بعض الآيات في مقابل بعضها البعض، عامداً أو جاهلاً، إنّما هو بصدد إبطال إعجاز القرآن الكريم، والتشكيك في نبوّة الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله ؛ ولذلك فقد اعتبرت الروايات مثل هذا الشخص كافراً:
ما ضَرَبَ رَجُلٌ القُرآنَ بَعضَهُ بِبَعضٍ إلّا كَفَرَ.۲
۴. يمثّل القرآن الكريم مجموعة متماسكة؛ ولذا فإنّ التمسّك بآية من دون الرجوع إلى الآيات الشارحة والمفسّرة، والالتفات إلى السياق، يستلزم إخراج تلك الآية من موضعها الخاصّ بها؛ وعلى هذا الأساس، فإن تفسير القرآن بالقرآن هو أساس المحافظة على انسجام القرآن وتماسكه، والتفسير من دون الاستعانة بالآيات القرآنية الاُخرى هو من قبيل قوله: « جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ »۳، أي: تمزيق