401
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

۵ - إذا أخذنا بعين الاعتبار مضمون الروايات السابقة عن النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله ۱، ووصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لابن عبّاس في اجتناب الاحتجاج بالقرآن مع الخوارج‏۲، فيمكننا القول: إنّ المراد من هذا الضرب هو أن يستدلّ كلّ طرف من الطرفين بآية من القرآن لتأييد رأيه في المناظرة والمجادلة، وأن يعمل على إبطال رأي الطرف المقابل، وفي الحقيقة فإنّ كلّ طرف يعمد - من خلال الاستدلال بإحدى الآيات - إلى تكذيب الآية التي استدلّ بها الخصم.

والحديث التالي عن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يؤيّد هذا الرأي:
لا تُجادِلوا بِالقُرآنِ وَ لا تَكذِبوا كِتابَ اللَّهِ بَعضَهُ بِبَعضٍ فَوَاللَّهِ إِنّ‏َّ المُؤمِنَ لَيُجادِلَ بِالقُرآنِ فَيَغلِبُ وَ إِنَّ المُنافِقَ لَيُجادِلَ بِالقُرآنِ فَيَغلِبُ .۳

الحصيلة النهائية

يمكننا التوصّل إلى النتائج التالية من خلال التدقيق في الآراء المطروحة والروايات التي وصلتنا في ضرب القرآن بالقرآن:

۱. يتبيّن بوضوح عبر النظر في مجموعة الروايات أنّ التعبير الروائي «ضرب القرآن بالقرآن» هو بمفهوم تكذيب القرآن بالقرآن، فقد استعمله النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله في مقابل تصديق القرآن بالقرآن، وقال في بيان مفهوم ضرب القرآن بالقرآن: ولا تكذبوا بعضه ببعض.، وإذا ما نهي في بعض الروايات - ومن جملتها رواية الإمام الباقر عليه السلام - عن ضرب القرآن بالقرآن مطلقاً من دون بيان مفهومه؛ فلأنّه كان واضحاً في ذلك العهد، وبناء على ذلك، فإنّ بعض المفاهيم الاُخرى التي قيلت في بيان ضرب القرآن بالقرآن، هي من لوازم تكذيب الآيات بالآيات.

1.بحار الأنوار: ج ۳۰ ص ۵۱۲؛ مسند ابن حنبل: ج ۲ ص ۱۸۵، سنن ابن ماجة: ج ۱ ص ۳۳.

2.بحار الأنوار: ج ۲ ص ۲۴۵، نهج البلاغة: الكتاب ۷۷.

3.مسند الشاميين: ج ۲ ص ۷۴، كنز العمّال: ج ۱ ص ۶۱۹.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
400

هذه الحالة إن كان ضرب القرآن بالقرآن بمعنى الاستخفاف به والإساءة إلى مكانته، فإنّه كفر وإنكار، وإلّا فإنّه كفر بالنعمة وترك الأدب.۱

۲ - ضرب القرآن بالقرآن هو إعمال الآراء الشخصية في المجمل، والمؤوّل، والمطلق، والعام، والمجاز، والمتشابه والمعضلات، وملاحظات القرآن المعقّدة الاُخرى، والجمع بين الأخيرة وبين الآراء الخيالية والأفكار المنتحلة، ومن ثمّ استنباط بعض الأحكام منه، والعمل والفتوى على أساسها، من دون أن يصلنا مستند صحيح وكلام واضح من أهل الذكر عليه السلام في هذا المجال‏۲؛ ولذلك فقد اعتبر بعضهم ضرب القرآن بالقرآن من مصاديق التفسير بالرأي.۳

۳ - كما يرى بعض العلماء أنّ ضرب القرآن بالقرآن هو الخلط بين الآيات والإضرار بالتناسب والانسجام بينها بطريقة تخلّ بمعانيها وأعراضها من خلال تجاهل الخاصّ والعامّ، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، واستعمال آية من دون الالتفات إلى مكانتها وعلاقتها بما قبلها وما بعدها۴، وما مشابه ذلك.

وفي بعض المواضع يكون الخلط بين الآيات بنحو يصبح فيه الحلال حراماً والحرام حلالاً، أو الآية الواضحة والمحكمة آية مبهمة ومتشابهة.۵

۴ - اعتبر عدد من الباحثين في مجال الحديث ضرب القرآن بالقرآن بمعنى تفسير الآية بمساعدة آية اُخرى؛ ولذلك فإنّهم لم يجيزوا تفسير القرآن بالقرآن ونهوا عنه.۶

1.شرح اُصول الكافي للمازندراني: ج ۲ ص ۷۲، ج ۱۱ ص ۸۳.

2.شرح اُصول الكافي للمازندراني: ج ۱۱ ص ۸۳.

3.البرهان في علوم القرآن: ج ۱، ص ۴۲، تفسير العياشي: ج ۱ ص ۱۸، منية المريد: ص ۳۶۹.

4.الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۸۳، صراط النجاة، ج ۲ ص ۴۴۹، قرآن در قرآن: ص ۳۹۶.

5.المجازات النبوية: ص ۳۶۱.

6.الحدائق: ج ۶ ص ۳۵۵، شرح اُصول الكافي للمازندراني: ج ۱۱ ص ۸۳، بحار الأنوار: ج ۸۹ ص ۳۹.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 36878
صفحه از 618
پرینت  ارسال به