أهلَ المَدينَةِ فَإِنّي اُحِبُّ أن يُرى في رِجالِ الشّيعَةِ مِثلُكُ .۱
۱۷۶۰. رجال الكشّي عن حمّاد : كانَ أبُو الحَسَنِ عليه السلام يَأمُرُ مُحَمَّدَ بنَ حَكيمٍ أن يُجالِسَ أهلَ المَدينَةِ في مَسجِدِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، وأن يُكَلِّمَهُم ويُخاصِمَهُم حَتّى كَلَّمَهُم في صاحِبِ القَبرِ ، فَكانَ إذَا انصَرَفَ إلَيهِ قالَ لَهُ : ما قُلتَ لَهُم ؟ وما قالوا لَكَ ؟ ويَرضى بِذلِكَ مِنهُ .۲
۱۷۶۱. الإمام العسكري عليه السلام : ذُكِرَ عِندَ الصّادِقِ عليه السلام الجِدالُ فِي الدّينِ ، وأنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله وَالأَئِمَّةَ عليهم السلام قَد نَهَوا عَنهُ . فَقالَ الصّادِقُ عليه السلام : لَم يُنهَ عَنهُ مُطلَقاً ، ولكِنَّهُ نُهِيَ عَنِ الجِدالِ بِغَيرِ الَّتي هِيَ أحسَنُ ، أما تَسمَعونَ اللَّهَ عَزَّوجَلَّ يَقولُ : « وَ لَا تُجَدِلُواْ أَهْلَ الْكِتَبِ إِلَّا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ » وقَولَهُ : « ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَدِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ » .
فَالجِدالُ بِالَّتي هِيَ أحسَنُ قَد قَرَنَهُ العُلَماءُ بِالدّينِ ، وَالجِدالُ بِغَيرِ الَّتي هِيَ أحسَنُ مُحَرَّمٌ ، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلى شيعَتِنا ، وكَيفَ يُحَرِّمُ اللَّهُ الجِدالَ جُملَةً وهُوَ يَقولُ : « وَ قَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَرَى » وقالَ اللَّهُ تَعالى : « تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ »۳، فَجَعَلَ عِلمَ الصِّدقِ وَالإِيمانَ بِالبُرهانِ ، وهَل يُؤتى بِبُرهانٍ إلّا فِي الجِدالِ بِالَّتي هِيَ أحسَنُ ؟
فَقيلَ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ! فَمَا الجِدالُ بِالَّتي هِيَ أحسَنُ ؟ وَالَّتي لَيسَت بِأَحسَنَ ؟
قالَ : أمَّا الجِدالُ بِغَيرِ الَّتي هِيَ أحسَنُ فَأَن تُجادِلَ [ بِهِ ] ، مُبطِلاً فَيورِدُ عَلَيكَ باطِلاً ، فَلا تَرُدُّهُ بِحُجَّةٍ قَد نَصَبَهَا اللَّهُ ، ولكِن تَجحَدُ قَولَهُ ، أو تَجحَدُ حَقّاً ، يُريدُ ذلِكَ المُبطِلُ أن يُعينَ بِهِ باطِلَهُ ، فَتَجحَدُ ذلِكَ الحَقَّ مَخافَةَ أن يَكونَ لَهُ عَلَيكَ فيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّكَ لاتَدري كَيفَ المَخلَصُ مِنهُ ، فَذلِكَ حَرامٌ عَلى شيعَتِنا أن يَصيروا فِتنَةً عَلى ضُعَفاءِ إخوانِهِم وعَلَى المُبطِلينَ .