بعد عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وفضّل شراءه على بيعه، كما أجاز أخذ الاُجرة على كتابة القرآن.۱
وروى عنبسة الورّاق وأبو بصير وأشخاص آخرون أحاديث بهذا المضمون نفسه.۲
وقال عدد من الفقهاء - في الجمع بين هذه الأحاديث والأحاديث الدالّة على حرمة بيع المصحف - بأنّ الأحاديث الناهيه دالّة على كراهة البيع، لا على حرمته، كما تستنبط هذه الملاحظة من تعبير بعض الأحاديث المذكورة، ومن جملتها حديث أبي بصير۳، وعلى سبيل المثال: قال الإمام الصادق عليه السلام في هذا الحديث: إنّه يحبّ شراء المصحف أكثر من بيعه، وهو ما يدلّ على كراهة البيع، وحكمته هي عدم انسجام بيع القرآن مع عظمة الكلام الإلهي، ولضرورة احترامه۴. كما أنّ مؤيّدي جواز بيع المصحف اعتبروا الأحاديث الدالّة على حرمة البيع ضعيفة من حيث السند.۵
وقد جمع الفقهاء المؤيّدون للرأي المشهور الروايات المتعارضة في الظاهر بنحو آخر، وقالوا: إنّ الأحاديث الدالّة على جواز بيع المصحف لم تبيّن كيفية الجواز؛ ولهذا فإنّها لا تتعارض مع الأحاديث الناهية عن بيع المصحف التي هي بصدد بيان الحكم الإلهي، بل إنّ علاقتهما من قبيل العلاقة بين المطلق والمقيد.۶
والجمع الآخر بين الأحاديث هو: أنّ المراد من الأحاديث المجوّزة هو شراء الورق قبل كتابة القرآن عليه، والذي يشمل كلاًّ من البيع والإيجار، وبما أنّ البيع غير ممكن؛ وفقاً للأدلّة الاُخرى، فيجب أن تحمل هذه الروايات على الإيجار۷، إلّا أنّه تمّ النقاش في كلا الجمعين المذكورين.۸
1.راجع: الكافي: ج ۵ ص ۱۲۱.
2.راجع: وسائل الشيعة: ج ۱۷ ص ۱۵۹ - ۱۶۱.
3.جواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۲۷.
4.مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۳ - ۷۴۴.
5.مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۴، فقه الصادق: ج ۱۵ ص ۵۴ - ۵۵، كفاية الأحكام: ج ۱ ص ۴۴۴.
6.المكاسب للشيخ الأنصاري: ج ۲ ص ۱۵۹ - ۱۶۰.
7.جواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۲۶.
8.مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۲ - ۷۴۳، أنوار الفقاهة - كتاب التجارة: ص ۲۴۲.