39
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

بعد عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وفضّل شراءه على بيعه، كما أجاز أخذ الاُجرة على كتابة القرآن.۱

وروى عنبسة الورّاق وأبو بصير وأشخاص آخرون أحاديث بهذا المضمون نفسه.۲

وقال عدد من الفقهاء - في الجمع بين هذه الأحاديث والأحاديث الدالّة على حرمة بيع المصحف - بأنّ الأحاديث الناهيه دالّة على كراهة البيع، لا على حرمته، كما تستنبط هذه الملاحظة من تعبير بعض الأحاديث المذكورة، ومن جملتها حديث أبي بصير۳، وعلى سبيل المثال: قال الإمام الصادق عليه السلام في هذا الحديث: إنّه يحبّ شراء المصحف أكثر من بيعه، وهو ما يدلّ على كراهة البيع، وحكمته هي عدم انسجام بيع القرآن مع عظمة الكلام الإلهي، ولضرورة احترامه‏۴. كما أنّ مؤيّدي جواز بيع المصحف اعتبروا الأحاديث الدالّة على حرمة البيع ضعيفة من حيث السند.۵

وقد جمع الفقهاء المؤيّدون للرأي المشهور الروايات المتعارضة في الظاهر بنحو آخر، وقالوا: إنّ الأحاديث الدالّة على جواز بيع المصحف لم تبيّن كيفية الجواز؛ ولهذا فإنّها لا تتعارض مع الأحاديث الناهية عن بيع المصحف التي هي بصدد بيان الحكم الإلهي، بل إنّ علاقتهما من قبيل العلاقة بين المطلق والمقيد.۶

والجمع الآخر بين الأحاديث هو: أنّ المراد من الأحاديث المجوّزة هو شراء الورق قبل كتابة القرآن عليه، والذي يشمل كلاًّ من البيع والإيجار، وبما أنّ البيع غير ممكن؛ وفقاً للأدلّة الاُخرى، فيجب أن تحمل هذه الروايات على الإيجار۷، إلّا أنّه تمّ النقاش في كلا الجمعين المذكورين.۸

1.راجع: الكافي: ج ۵ ص ۱۲۱.

2.راجع: وسائل الشيعة: ج ۱۷ ص ۱۵۹ - ۱۶۱.

3.جواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۲۷.

4.مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۳ - ۷۴۴.

5.مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۴، فقه الصادق: ج ۱۵ ص ۵۴ - ۵۵، كفاية الأحكام: ج ۱ ص ۴۴۴.

6.المكاسب للشيخ الأنصاري: ج ۲ ص ۱۵۹ - ۱۶۰.

7.جواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۲۶.

8.مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۲ - ۷۴۳، أنوار الفقاهة - كتاب التجارة: ص ۲۴۲.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
38

إلى الرأي المشهور لفقهاء الإمامية فمن غير الجائز شراء المصحف الشريف وبيعه‏۱. وأهمّ مستندات هذا الرأي: الأحاديث العديدة التي تفيد بأنّ نصّ القرآن وكتابته لا يجوز شراؤهما أو بيعهما، ولا يمكن التعامل إلّا بغلافه، أو ورقه وتزييناته. ويروى أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال لعبد الرحمن بن سليمان:
إنَّ المصاحِف لن تُشترى‏، فإذا اشتريتَ فقل: إنّما اشتري منك الورق وما فيه من الأدم وحليته، وما فيه من عمل يدك كذا وكذا.۲

وروى شبيه هذا الحديث سماعة،۳ وعثمان بن عيسى، وعبداللَّه بن سليمان وآخرون عن الإمام الصادق عليه السلام .۴

والمستند الآخر هو عدم انسجام بيع المصحف مع عظمة القرآن وحرمته، ويرى بعض مؤيّدي الرأي المشهور أنّه إذا بيع مصحف القرآن فإنّ هذا العقد باطل، لأنّه منهي عنه.۵

وفي المقابل، أجاز بعض الفقهاء۶ بيع المصحف، واستندوا إلى أدلّة مختلفة، من جملتها: أصل الإباحة، والأدلّة العامّة الدالّة على جواز البيع، وسيرة المسلمين، والأحاديث.۷

ومن جملة هذه الأحاديث: ما رواه روح بن عبدالرحيم عن الإمام الصادق عليه السلام حيث أشار في جوابه على سؤاله حول حكم بيع المصحف، إلى شيوع هذه الظاهرة

1.تحرير الأحكام: ج ۲ ص ۲۶۱، الحدائق: ج ۱۸ ص ۲۱۸، مفتاح الكرامة: ج ۱۲ ص ۲۷۳.

2.الكافي: ج ۵ ص ۱۲۱.

3.راجع: وسائل الشيعة: ج ۱۷ ص ۱۵۸ - ۱۶۱.

4.تذكرة الفقهاء: ج ۱۲ ص ۱۴۵.

5.مفتاح الكرامة: ج ۱۲ ص ۲۷۸۵، مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۴.

6.نزهة الناظر: ص ۷۴، جواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۲۶.

7.جوامع الكلام: ج ۲۲ ص ۱۲۶ - ۱۲۸، مصباح الفقاهة: ج ۱ ص ۷۴۴ - ۷۴۵ وراجع حول القرآن الكريم: ص ۱۹۲.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34744
صفحه از 618
پرینت  ارسال به