37
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

نعم، بعضهم - وخاصّة الشافعية - قالوا بكراهته، ونقل هذا القول عن الشافعي أيضاً.۱

ومستند الكراهة هو ضرورة تعظيم القرآن؛ كي لا يتحوّل إلى وسيلة للتجارة والربح، ومن جهة اُخرى سيرة أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله ۲ قائمة علي ذلك.

وقال أحمد بن حنبل وفقهاء الحنابلة تبعاً له - استناداً إلى هذه الأدلّة نفسها۳ - بحرمة بيع المصحف‏۴، إلّا أنّ شراءه جائز؛ لأنّه لا يستلزم الاستهانة به. نعم قال بعض الحنابلة بكراهة شراء المصحف.۵

وترى معظم مذاهب أهل السنّة حرمة بيع المصحف الشريف للكافر؛ لأنّه يؤدّي إلى إهانته‏۶، لكنّ الحنفيين أجازوا بيعه له، وبالطبع فإنّهم أوجبوا على الكافر أن يبيعه إلى مسلم. ۷

ومن جملة أدلّة القائلين بالحرمة الحديث النبويّ الذي نهى عن سفر المسلم الذي يحمل القرآن معه إلى بلاد الأعداء۸. كما أنّ بيع المصحف إلى الكافر حرام بطريق أولى، في حالة تحريم بيع المصحف إلى المسلم.

وجهة نظر الشيعة

اشتمل الفقه الإمامي على وجهات نظر مختلفة في جواز بيع المصحف وشرائه أو عدمهما؛ حيث يعود ذلك بنحو رئيس إلى اختلاف الأحاديث المتعلّقة به. واستناداً

1.راجع: المجموع : ج ۹ ص ۲۵۲، المحلي : ج ۹ ص ۴۴ - ۴۷، روضة الطالبيين: ج ۳ ص ۸۷.

2.المجموع : ج ۹ ص ۲۵۲، المغني: ج ۴ ص ۲۷۸ - ۲۸۰.

3.راجع: المغني: ج ۴ ص ۳۰۶ و فيض الرحمن: ص ۳۸۴.

4.المجموع : ج ۹ ص ۲۵۲، المغني: ۴ ص ۳۰۶، فيض الرحمن: ص ۳۸۴، الإنصاف : ج ۴ ص ۲۷۹.

5.الإنصاف: ج ۴ ص ۲۷۸ - ۲۷۹، كشّاف القناع: ج ۱ ص ۱۷۷.

6.المغني: ج ۴ ص ۳۰۶، إعانة الطالبين: ج ۴ ص ۳۲۴، المجموع : ج ۹ ص ۳۵۴.

7.المبسوط: ج ۱۳ ص ۱۳۳، المغني: ج ۴ ص ۳۰۶.

8.المغني: ج ۴ ص ۳۰۶.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
36

من الحديث بأنّ شراء القرآن شاع بعد عهد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله .۱

ولاتطالعنا في المصادر الحديثية للفريقين أيّ رواية من عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله في هذا المجال؛ وعلى هذا يمكن أن نستنتج أنّ مسألة شراء المصحف وبيعه قد طرحت في عهد الصحابة، كما أنّ النقاش حول حكمها الشرعي كان قائماً، وأقدم التقارير الواصلة إلينا في هذا المجال هي ما ورد عن الصحابة.

وجهة نظر أهل السنّة

نقل عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير أنّهما ذهبا إلى أنّ بيع القرآن جائز، إلّا أنّهما خالفا أن يكون بيعه وسيلة للارتزاق.۲

ونقل عن عمر بن الخطّاب وعبداللَّه بن عمر أنّهما منعا بيعه و شراءه بصراحة، وكرهه بعض الأشخاص مثل: عبداللَّه بن مسعود وأبي موسى الأشعري‏۳. وفي مقابل هذا الفريق يرى بعض الصحابة والتابعين التفصيل بين الشراء والبيع، فقد نقل عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير وقتادة بن دعامة وجابر بن عبداللَّه أنّ شراء المصحف جائز، ولكن بيعه ممنوع. ۴

وقال عدد من التابعين - مثل عكرمة، عامر الشعبي، الحكم بن عيينة، الحسن البصري - بجواز شراء المصحف وبيعه.۵

وقد أجاز كلّ فقهاء أهل السنّة تقريباً شراء مصحف القرآن، إلّا أنّهم اختلفوا في جواز بيعه، فقد أجاز الحنفية و المالكية والشافعية بيع المصحف.۶

1.تهذيب الأحكام: ج ۶ ص ۳۶۶.

2.السنن الكبرى: ج ۶ ص ۱۶، المصنّف لابن أبي شبية: ج ۵ ص ۳۱، كنز العمّال: ج ۲ ص ۳۴۴.

3.السنن الكبرى: ج ۶ ص ۱۶، المصنّف لابن أبي شبية : ج ۵ ص ۳۰، كنز العمّال: ج ۲ ص ۳۳۰.

4.السنن الكبرى: ج ۶ ص ۱۶، المجموع، ج ۹ ص ۲۵۱ - ۲۵۲، الإتقان في علوم القرآن: ج ۲ ص ۴۵۷.

5.السنن الكبرى البيهقي، ج ۶ ص ۱۷، المصنّف لعبدالرزاق: ج ۸ ص ۱۱۳.

6.المجموع: ج ۹ ص ۲۵۲، الشرح الكبير: ج ۴ ص ۱۲ - ۱۳، فقه السنّة: ج ۳ ص ۸۸.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34449
صفحه از 618
پرینت  ارسال به