فَقالَ : « لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ » ولَم يَسأَلِ المُدَّعِي البَيِّنَةَ عَلى ذلِكَ ، ولَم يُقبِل عَلَى المُدَّعى عَلَيهِ فَيَقولَ لَهُ : ما تَقولُ؟ فَكانَ هذا خَطيئَةُ رَسمِ الحُكمِ لا ما ذَهَبتُم إلَيهِ ، ألا تَسمَعُ اللَّهَ عزّ و جلّ يَقولُ : « يَدَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لَا تَتَّبِعِ الْهَوَى »۱إلى آخِرِ الآيَةِ .
فَقالَ : يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ فَما قِصَّتُهُ مَعَ اُورِيا؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : إنَّ المَرأَةَ في أيّامِ داوودَ عليه السلام كانَت إذا ماتَ بَعلُها أو قُتِلَ لا تَتَزَوَّجُ بَعدَهُ أبَداً ، وأوَّلُ مَن أباحَ اللَّهُ لَهُ أن يَتَزَوَّجُ بِامرَأَةٍ قُتِلَ بَعلُها كانَ داوودَ عليه السلام ، فَتَزَوَّجَ بِامرَأَةِ اُوريا لَمّا قُتِلَ ، وَانقَضَت عِدَّتُها مِنهُ ، فَذلِكَ الَّذي شَقَّ عَلَى النّاسِ مِن قِبَلِ اُوريا .
وأمّا مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله وقَولُ اللَّهِ عزّ و جلّ : « وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَل-هُ » فَإِنَّ اللَّهَ عزّ و جلّ عَرَّفَ نَبِيَّهُ صلى اللّه عليه و آله أسماءَ أزواجِهِ في دارِ الدُّنيا ، وأسماءَ أزواجِهِ في دارِ الآخِرَةِ ، وأنَّهُنَّ اُمَّهاتُ المُؤمِنينَ ، وأحَدُ۲ مَن سَمّى لَهُ : زَينَب بِنت جَحشٍ ، وهِيَ يَومَئِذٍ تَحتَ زَيدِ بنِ حارِثَةَ ، فَأَخفَى اسمَها في نَفسِهِ ولَم يُبدِه ، لِكَيلا يَقولَ أحَدٌ مِنَ المُنافِقينَ : إنَّهُ قالَ فِي امرَأَةٍ في بَيتِ رَجُلٍ إنَّها إحدى أزواجِهِ مِن اُمَّهاتِ المُؤمِنينَ ، وخَشِيَ قَولَ المُنافِقينَ ، فَقالَ اللَّهُ عزّ و جلّ : « وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَل-هُ » يَعني في نَفسِكَ ، وإنَّ اللَّهَ عزّ و جلّ ما تَوَلّى تَزويجَ أحَدٍ مِن خَلقِهِ إلّا تَزويجَ حَوّا مِن آدَمَ عليه السلام ، وزَينَبَ مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله بقوله : « فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَكَهَا »۳ الآية ، وفاطِمَةَ عليها السلام مِن عَلِيٍّ عليه السلام .
قالَ : فَبَكى عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَهمِ ، وقالَ : يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ، أنَا تائِبٌ إلَى اللَّهِ عزّ و جلّ مِن أن أنطِقَ في أنبِياءِ اللَّهِ عليهم السلام بَعدَ يَومي إلّا بِما ذَكَرتَهُ۴ .