341
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

ثُمَّ قالَ : وإنَّمَا الإِنفَحَةُ بِمَنزِلَةِ دَجاجَةٍ ميتَةٍ اُخرِجَت مِنها بيضَةٌ ، فَهَل تُؤكَلُ تِلكَ البيضَةُ؟ فَقالَ قَتادَةُ : لا ، ولا آمُرُ بِأَكلِها . فَقالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : ولِمَ؟ فَقالَ : لِأَنَّها مِنَ الميتَةِ ، قالَ لَهُ : فَإِن حُضِنَت تِلكَ البيضَةُ فَخَرَجَت مِنها دَجاجَةٌ أتَأكُلُها؟ قالَ : نَعَم ، قالَ : فَما حَرَّمَ عَلَيكَ البيضَةَ وحَلَّلَ لَكَ الدَّجاجَةَ؟ ثُمَّ قالَ عليه السلام : فَكَذلِكَ الإِنفَحَةُ مِثلُ البيضَةِ ، فَاشتَرِ الجُبُنَّ مِن أسواقِ المُسلِمينَ مِن أيدِي المُصَلّينَ ولا تَسأَل عَنهُ ، إلّا أن يَأتِيَكَ مَن يُخبِرُكَ عَنهُ .۱

۱۶۴۹. علل الشرائع عن أبي زهير بن شبيب بن أنس عن بعض أصحابه - فِي احتِجاجِ الإِمامِ الصّادِقِ عليه السلام عَلى‏ أبي حَنيفَةَ - : قالَ [الصّادِقُ عليه السلام ] أنتَ فَقيهُ أهلِ العِراقِ؟ قالَ: نَعَم ، قالَ: فَبِما تُفتيهِم؟ قالَ: بِكِتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللّه عليه و آله ، قالَ: يا أبا حَنيفَةً ، تَعرِفُ كِتابَ اللَّهِ حَقَّ مَعرِفَتِهِ ، وتَعرِفُ النّاسِخَ وَالمَنسوخَ؟ قالَ: نَعَم ، قالَ: يا أبا حَنيفَةَ ، لَقَدِ ادَّعَيتَ عِلماً ، وَيلَكَ! ما جَعَلَ اللَّهُ ذلِكَ إلّا عِندَ أهلِ الكِتابِ الَّذينَ اُنزِلَ عَلَيهِم ، وَيلَكَ! ولا هُوَ إلّا عِندَ الخاصِّ مِن ذُرِّيَّةِ نَبِيِّنا صلى اللّه عليه و آله ، وما وَرَّثَكَ اللَّهُ مِن كِتابِهِ حَرفاً ، فَإِن كُنتَ كَما تَقولُ - ولَستَ كَما تَقولُ - فَأَخبِرني عَن قَولِ اللَّهِ عزّ و جلّ : « سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَ أَيَّامًا ءَامِنِينَ »۲أينَ ذلِكَ مِنَ الأَرضِ ؟ قالَ : أحسَبُهُ ما بَينَ مَكَّةَ وَالمَدينَةِ ، فَالتَفَتَ أبو عَبدِ اللَّهِ عليه السلام إلى‏ أصحابِهِ فَقالَ : تَعلَمونَ أنَّ النّاسَ يُقطَعُ عَلَيهِم بَينَ المَدينَةِ ومَكَّةَ فَتُؤخَذُ أموالُهُم ولا يَأمَنونَ عَلى‏ أنفُسِهِم ويُقتَلونَ؟ قالوا: نَعَم ، قالَ: فَسَكَتَ أبو حَنيفَةَ ، فَقالَ : يا أبا حَنيفَةَ أخبِرني عَن قَولِ اللَّهِ عزّ و جلّ : « وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا »۳أينَ ذلِكَ مِنَ الأَرضِ؟ قالَ: الكَعبَةُ. قالَ: أفَتَعلَمُ أنَّ الحَجّاجَ بنَ يوسُفَ حينَ وَضَعَ المَنجَنيقَ عَلَى ابنِ الزُّبَيرِ فِي الكَعبَةِ فَقَتَلَهُ كانَ آمِنا فيها؟ قالَ: فَسَكَتَ ...
فَقالَ أبو بَكرٍ الحَضرَمِيُّ: جُعِلتُ فِداكَ ! الجَوابُ فِي المَسأَلَتَينِ الاُولَيَينِ؟

1.الكافي: ج‏۶ ص‏۲۵۶ ح‏۱، إرشاد القلوب: ص‏۴۲۳ وليس فيه صدره إلى«أنتم قوم ماتطاقون» وليس ذيله من «ماهي بيوت حجارة ولا طين» ، فقه القرآن : ج ۲ ص ۲۸۶ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج‏۱۰ ص‏۱۵۴ ح‏۴ .

2.سبأ : ۱۸ .

3.آل عمران : ۹۷ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
340

فما حاجَتُكَ إلَيهِ إذا كُنتَ تَعرِفُ مابَينَ الحَقِّ وَالباطِلِ؟ فَقالَ لي : يا أهلَ الكوفَةِ أنتُم قَومٌ ما تُطاقونَ ، إذا رَأَيتَ أبا جَعفَرٍ عليه السلام فَأَخبِرني .
فَمَا انقَطَعَ كَلامي مَعَهُ حَتّى‏ أقبَلَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام ، وحَولَهُ أهلُ خُراسانَ وغَيرُهُم يَسأَلونَهُ عَن مَناسِكِ الحَجِّ ، فَمَضى‏ حَتّى‏ جَلَسَ مَجلِسَهُ وجَلَسَ الرَّجُلُ قَريباً مِنهُ .
قالَ أبو حَمزَةَ : فَجَلَستُ حَيثُ أسمَعُ الكَلامَ وحَولَهُ عالَمٌ مِنَ النّاسِ ، فَلَمّا قَضى‏ حَوائِجَهُم وَانصَرَفُوا التَفَتَ إلَى الرَّجُلِ فَقالَ لَهُ : مَن أنتَ؟ قالَ : أنا قَتادَةُ بنُ دِعامَةَ البَصرِيُّ ، فَقالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : أنتَ فَقيهُ أهلِ البَصرَةِ؟ قالَ : نَعَم .
فَقالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : وَيحَكَ يا قَتادَةُ! إنَّ اللَّهَ جَلَّ وعَزَّ خَلَقَ خَلقاً مِن خَلقِهِ فَجَعَلَهُم حُجَجاً عَلى‏ خَلقِهِ فَهُم أوتادٌ في أرضِهِ ، قُوّامٌ بِأَمرِهِ ، نُجَباءُ في عِلمِهِ ، اصطَفاهُم قَبلَ خَلقِهِ ، أظِلَّةً عَن يَمينِ عَرشِهِ .
قالَ : فَسَكَتَ قَتادَةُ طَويلاً ثُمَّ قالَ : أصلَحَكَ اللَّهُ ، وَاللَّهِ لَقَد جَلَستُ بَينَ يَدَيِ الفُقَهاءِ وقُدّامَ ابنِ عَبّاسٍ فَما اضطَرَبَ قَلبي قُدّامَ واحِدٍ مِنهُم مَا اضطَرَبَ قُدّامَكَ!
قالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : وَيحَكَ! أتَدري أينَ أنتَ؟ أنتَ بَينَ يَدَي « بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَ الْأَصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تَجَرَةٌ وَ لَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلَوةِ وَ إِيتَآءِ الزَّكَوةِ »۱ فَأَنتَ ثَمَّ ونَحنُ اُولئِكَ ، فَقالَ لَهُ قَتادَةُ : صَدَقتَ وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِداكَ ، وَاللَّهُ ، ماهِيَ بُيوتُ حِجارَةٍ ولا طينٍ .
قالَ قَتادَةُ : فَأَخبِرني عَنِ الجُبُنِّ . قالَ : فَتَبَسَّمَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : رَجَعَت مَسائِلُكَ إلى‏ هذا؟! قالَ : ضَلَّت عَلَيَّ . فَقالَ : لا بَأسَ بِهِ . فَقالَ : إنَّهُ رُبَّما جُعِلَت فيهِ إنفَحَةُ۲المَيِّتِ ، قالَ : لَيسَ بِها بَأسٌ ؛ إنَّ الإِنفَحَةَ لَيسَ لَها عُروقٌ ولا فيها دَمٌ ولا لَها عَظمٌ ، إنَّما تَخرُجُ مِن بَينِ فَرثٍ ودَمٍ .

1.النور : ۳۶ و ۳۷ .

2.إنفحة الجدي : هي شي‏ء يخرج من بطن الجدي أصفر ، فيغلظ كالجبن (مجمع البحرين: ج‏۳ ص ۱۸۰۸ «نفح»).

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 37446
صفحه از 618
پرینت  ارسال به