335
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

يَنسى‏ ولا يَغفُلُ بَل هُوَ الحَفيظُ العَليمُ ، وقَد يَقولُ العَرَبُ في بابِ النِّسيانِ : قَد نَسِيَنا فُلانٌ فَلا يَذكُرُنا ، أي أنَّهُ لا يَأمُرُ لَنا بِخَيرٍ ولا يَذكُرُنا بِهِ ، فَهَل فَهِمتَ ما ذَكَرَ اللَّهُ عزّ و جلّ ؟
قالَ : نَعَم ، فَرَّجتَ عَنّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنكَ ، وحَلَلتَ عَنّي عُقدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أجرَكَ .۱

۴ / ۱۵

ما يبيّن الإطلاقات والعمومات‏

۱۶۳۶. الإمام عليّ عليه السلام - لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللَّهِ تَعالى‏ : « ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ »۲ فَما بالُنا نَدعو فَلا نُجابُ؟ - : لِأَنَّ قُلوبَكُم خانَت بِثَمانِ خِصالٍ :
أوَّلُها : أنَّكُم عَرَفتُمُ اللَّهَ فَلَم تُؤَدّوا حَقَّهُ كَما أوجَبَ عَلَيكُم ، فَما أغنَت عَنكُم مَعرِفَتُكُم شَيئاً .
وَالثّانِيَةُ : أنَّكُم آمَنتُم بِرَسولِهِ ثُمَّ خالَفتُم سُنَّتَهُ وأمتُّم شَريعَتَهُ ، فَأَينَ ثَمَرَةُ إيمانِكُم؟
وَالثّالِثَةُ : أنَّكُم قَرَأتُم كِتابَهُ المُنزَلَ عَلَيكُم فَلَم تَعمَلوا بِهِ ، وقُلتُم : سَمِعنا وأطَعنا ، ثُمَّ خالَفتُم .
وَالرّابِعَةُ : أنَّكُم قُلتُم : إنَّكُم تَخافونَ مِنَ النّارِ وأنتُم في كُلِّ وَقتٍ تُقَدِّمونَ أجسامَكُم إلَيها بِمَعاصيكُم ، فَأَينَ خَوفُكُم؟
وَالخامِسَةُ : أنَّكُم قُلتُم : إنَّكُم تَرغَبونَ فِي الجَنَّةِ وأنتُم في كُلِّ وَقتٍ تَفعَلونَ ما يُباعِدُكُم مِنها ، فَأَينَ رَغَبتُكُم فيها؟
وَالسّادِسَةُ : أنَّكُم أكَلتُم نِعمَةَ المَولى‏ ولَم تَشكُروا عَلَيها .
وَالسّابِعَةُ : أنَّ اللَّهَ أمَرَكُم بِعَداوَةِ الشَّيطانِ ، وقالَ : « إِنَّ الشَّيْطَنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا »۳ فَعادَيتُموهُ بِلاقَولٍ ، ووَاليَتُموهُ بِلا مُخالَفَةٍ .

1.التوحيد : ص ۲۵۵ و ۲۵۹ ح ۵ ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۵۶۱ ح ۱۳۷ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۱۲۷ ح ۲ وراجع : تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۳۵۷ ح ۱۶ . و أيضاً هذا الكتاب : ص ۲۲۶ ح ۱۴۱۳ و ميزان الحكمة : الشريعة «علل الشرايع الأحكام» .

2.غافر : ۶۰ .

3.فاطر : ۶ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
334

۱۶۳۴. معاني الأخبار عن محمّد بن عيسى‏ بن عبيد : سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ العَسكَرِيَّ عليه السلام عَن قَولِ اللَّهِ عزّ و جلّ : « وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ السَّمَوَ تُ مَطْوِيَّتُ بِيَمِينِهِ » ، فَقالَ : ذلِكَ تَعييرُ اللَّهِ - تَبارَكَ وتَعالى‏ - لِمنَ شَبَّهَهُ بِخَلقِهِ ، ألا تَرى‏ أنَّهُ قالَ : « وَ مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ السَّمَوَ تُ مَطْوِيَّتُ بِيَمِينِهِ » كَما قالَ عزّ و جلّ : « وَ مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالَواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى‏ بَشَرٍ مِّن شَىْ‏ءٍ »۱ ، ثُمَّ نَزَّهَ عزّ و جلّ نَفَسَهُ عَنِ القَبضَةِ وَاليَمينِ فَقالَ : « سُبْحَنَهُ وَ تَعَلَى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ » .۲

۱۶۳۵. التوحيد عن أبي مُعَمَّر السَّعدانيّ : إنَّ رَجُلاً أتى‏ أميرَ المُؤمِنينَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي قَد شَكَكتُ في كِتابِ اللَّهِ المُنزَلِ ، قالَ لَهُ عليه السلام : ثَكِلَتكَ اُمُّكَ ، وكَيفَ شَكَكتَ في كِتابِ اللَّهِ المُنزَلِ؟ قالَ : لِأَنّي وَجَدتُ الكِتابَ يُكَذِّبُ بَعضُهُ بَعضاً ، فَكَيفَ لا أشُكُّ فيهِ؟
فَقالَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام : إنَّ كِتابَ اللَّهِ لَيُصَدِّقُ بَعضُهُ بَعضاً ولا يُكَذِّبُ بَعضُهُ بَعضاً ، ولكِنَّكَ لَم تُرزَق عَقلاً تَنتَفِعُ بِهِ ، فَهاتِ ما شَكَكتَ فيهِ مِن كِتابِ اللَّهِ عزّ و جلّ .
قالَ لَهُ الرَّجُلُ : إنّي وَجَدتُ اللَّهَ يَقولُ : « فَالْيَوْمَ نَنسَل-هُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا » وقالَ أيضاً : « نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ » وقالَ : « وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا » فَمَرَّةً يُخبِرُ أنّه يَنسى‏ ، ومَرَّةً يُخبِرُ أنَّهُ لا يَنسى‏ ، فَأَنّى‏ ذلِكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ؟
قالَ : ... أمّا قَولُهُ : « نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ » إنّما يَعني نَسُوا اللَّهَ في دارِ الدُّنيا ، لَم يَعمَلوا بِطاعَتِهِ ، فَنَسِيَهُم فِي الآخِرَةِ ؛ أي لَم يَجعَل لَهُم في ثَوابِهِ شَيئاً فَصاروا مَنسِيّينَ مِنَ الخَيرِ ، و كَذلِكَ تَفسيرُ قَولِهِ عزّ و جلّ : « فَالْيَوْمَ نَنسَل-هُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا » يَعني بِالنِّسيانِ أنَّهُ لَم يُثِبهُم كَما يُثيبُ أولياءَهُ الَّذينَ كانوا في دارِ الدُّنيا مُطيعينَ ذاكِرين حينَ آمَنوا بِهِ وبِرُسُلِهِ وخافوهُ بِالغَيبِ .
وأمّا قَولُهُ : « وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا » فَإِنَّ رَبَّنا تَبارَكَ وتَعالى‏ عُلُوّاً كَبيراً لَيسَ بِالَّذي

1.الأنعام : ۹۱ .

2.معاني الأخبار : ص ۱۴ ح ۴ ، التوحيد : ص ۱۶۰ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۱ ح ۲ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34745
صفحه از 618
پرینت  ارسال به