329
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

كَأَسَفِنا، ولكِنَّهُ خَلَقَ أولياءَ لِنَفسِهِ يَأسَفونَ ويَرضَونَ وهُم مَخلوقونَ مَربوبونَ، فَجَعَلَ رِضاهُم رِضا نَفسِهِ وسَخَطَهُم سَخَطَ نَفسِهِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمُ الدُّعاةَ إِلَيهِ والأَدِلّاءَ عَلَيهِ ، فَلِذلِكَ صاروا كَذلِكَ ، ولَيسَ أنَّ ذلِكَ يَصِلُ إلَى اللَّهِ كَما يَصِلُ إلى‏ خَلقِهِ ، لكِن هذا مَعنى‏ ما قالَ مِن ذلِكَ ، وقَد قالَ : «مَن أهانَ لي وَلِيّاً فَقَد بارَزَني بِالمُحاربَةِ ودَعاني إلَيها» ، وقالَ : و « مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ »۱ ، وقالَ : « إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » .۲
فَكُلُّ هذا وشِبهُهُ عَلى‏ ما ذَكَرتُ لَكَ ، وهكَذَا الرِّضا وَالغَضَبُ وغَيرُهُما مِنَ الأَشياءِ مِمّا يُشاكِلُ ذلِكَ ، ولَو كانَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ الأَسَفُ وَالضَّجَرُ ، وهُوَ الَّذي خَلَقَهُما وأنشَأَهُما لَجازَ لِقائِلِ هذا أن يَقولَ : إنَّ الخالِقَ يَبيدُ يَوماً ما ؛ لِأَنَّهُ إذا دَخَلَهُ الغَضَبُ وَالضَّجَرُ دَخَلَهُ التَّغييرُ ، وإذا دَخَلَهُ التَّغييرُ لَم يُؤمَن عَلَيهِ الإِبادَةُ ، ثُمَّ لَم يُعرَفِ المُكَوِّنُ مِنَ المُكَوَّنِ ، ولَا القادِرُ مِنَ المَقدورِ عَلَيهِ ، ولَا الخالِقُ مِنَ المَخلوقِ ، تَعالَى اللَّهُ عَن هذَا القَولِ عُلُوّاً كَبيراً .۳

۱۶۲۶. الكافي عن صفوان بن يحيى‏ : سَأَلَني أَبو قُرَّةَ المُحَدِّثُ أن اُدخِلَهُ عَلى‏ أبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام ، فَاستَأذَنتُهُ فَأَذِنَ لِي ، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الحَلالِ وَالحَرامِ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : أفَتُقِرُّ أَنَّ اللَّهَ مَحمولٌ ؟
فَقالَ أَبُو الحَسَنِ عليه السلام : كُلُّ مَحمولٍ مَفعولٌ بِهِ مُضافٌ إلى‏ غَيرِهِ مُحتاجٌ ، وَالمَحمولُ اسمُ نَقصٍ فِي اللَّفظ ، وَالحامِلُ فاعِلٌ وهُوَ فِي اللَّفظِ مِدحَةٌ ، وكَذلِكَ قَولُ القائِلِ : فَوقَ وتَحتَ وأعلى‏ وأسفَلَ ، وقَد قالَ اللَّهُ : « وَلِلَّهِ الأَْسْمَاءُ الْحُسْنَى‏ فَادْعُوهُ بِهَا »۴ ولَم يَقُل في كُتُبِهِ : إنَّهُ المَحمولُ ، بَل قالَ : إنَّهُ الحامِلُ فِي البَرِّ والبَحرِ ، وَالمُمسِكُ السَّماواتِ

1.النساء : ۸۰ .

2.الفتح : ۱۰ .

3.الكافي : ج ۱ ص ۱۴۴ ح ۶ عن حمزة بن بزيع ، التوحيد : ص ۱۶۸ ح ۲ ، معاني الأخبار : ص ۱۹ ح ۲ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۶۵ ح ۲ .

4.الأعراف : ۱۸۰ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
328

الإِسلامُ ، وَالسُّتورُ حُدودُ اللَّهِ ، وَالأَبوابُ المُفَتَّحَةُ مَحارِمُ اللَّهِ ، وَالدّاعِي الَّذي عَلى‏ رَأسِ الصِّراطِ كِتابُ اللَّهِ ، وَالدّاعي مِن فَوقٍ واعِظُ اللَّهِ ، يَذكُرُ في قَلبِ كُلِّ مُسلِمٍ .۱

۱۶۲۳. مسند ابن حنبل عن عبداللَّه بن مسعود : خَطَّ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله خَطّاً بِيَدِهِ، ثُمَّ قالَ : هذا سَبيلُ اللَّهِ مُستَقيماً ، ثُمّ خَطَّ خُطوطاً عَن يَمينه وشِمالِهِ ثُمَّ قالَ : هذهِ السُّبُلُ ، ولَيسَ مِنها سَبيلٌ إلّا عَلَيهِ شَيطانٌ يَدعو إلَيهِ ، ثُمَّ قَرَأ « وَأَنَّ هَذَا صِرَ طِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ ... »۲ .۳

۱۶۲۴. الكافي عن هشام بن الحكم : قالَ أبو شاكِرٍ الدَّيَصانِيُّ : إنَّ فِي القُرآنِ آيَةً هِيَ قَولُنا ، قُلتُ : ما هِيَ؟ فَقالَ : « وَ هُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ إِلَهٌ وَ فِى الْأَرْضِ إِلَهٌ »۴ فَلَم أدرِ بِما اُجيبُهُ . فَحَجَجتُ فَخَبَّرتُ أبا عَبدِاللَّهِ عليه السلام فَقالَ : هذا كَلامُ زِنديقٍ خَبيثٍ ، إذا رَجَعتَ إلَيهِ فَقُل لَهُ : مَا اسمُكَ بِالكوفَةِ؟ فَإِنَّهُ يَقولُ : فُلانٌ . فَقُل لَهُ : مَا اسمُكَ بِالبَصرَةِ؟ فَإِنَّهُ يَقولُ : فُلانٌ ، فَقُل ، كَذلِكَ اللَّهُ رَبُّنا ، فِي السَّماءِ إلهٌ ، وفِي الأَرضِ إلهٌ ، وفِي البِحارِ إلهٌ ، وفِي القِفارِ إلهٌ ، وفي كُلِّ مَكانٍ إلهٌ .۵

۴ / ۱۴

ما يفسّر المتشابهات‏

۱۶۲۵. الإمام الصادق عليه السلام - في قَولِ اللَّهِ عزّ و جلّ : « فَلَمَّا ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ »۶ - : إنَّ اللَّهَ عزّ و جلّ لا يَأسَفُ

1.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۱۴۵ ح ۲۴۵ ، مسند ابن حنبل : ج ۶ ص ۱۹۹ ح ۱۷۶۵۱ ، مسند الشاميّين : ج ۳ ص ۱۷۷ ح ۲۰۲۴ ، شعب الإيمان : ج ۵ ص ۴۴۵ ح ۷۲۱۶ كلّها عن نواس بن سمعان ، تفسير الثعلبي : ج ۱ ص ۱۲۱ ح ۳۱ عن نواس بن سمعان وكلّها نحوه ، كنز العمّال : ج ۱ ص ۱۸۲ ح ۹۲۱ .

2.الأنعام : ۱۵۳ .

3.مسند ابن حنبل : ج ۲ ص ۱۹۶ ح ۴۴۳۷ ، السنن الكبرى : ج ۶ ص ۳۴۳ ح ۱۱۱۷۴ ، سنن الدارمي : ج ۱ ص ۷۲ ح ۲۰۶ ، صحيح ابن حبّان : ج ۱ ص ۱۸۰ ح ۶ كلّها نحوه .

4.الزخرف : ۸۴ .

5.الكافي : ج ۱ ص ۱۲۸ ح ۱۰ ، التوحيد : ص ۱۳۳ ح ۱۶ ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۳۲۳ ح ۲۱ .

6.الزخرف : ۵۵ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34562
صفحه از 618
پرینت  ارسال به