317
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

قالَ زُرقانُ : إنَّ ابنَ أبي داوودَ قالَ : صِرتُ إلَى المُعتَصِمِ بَعدَ ثالِثَةٍ ، فَقُلتُ : إنَّ نَصيحَةَ أميرِ المُؤمِنينَ عَلَيَّ واجِبَةٌ، وأنَا اُكَلِّمُهُ بِما أعلَمُ أنّي أدخُلُ بِهِ النّارَ. قالَ: وما هُوَ؟
قُلتُ : إذا جَمَعَ أميرُ المُؤمِنينَ مِن مَجلِسِهِ فُقَهاءَ رَعِيَّتِهِ وعُلَماءَهُم لِأَمرٍ واقِعٍ مِن اُمورِ الدّينِ ، فَسَأَلَهُم عَنِ الحُكمِ فيهِ فَأَخبَروهُ بِما عِندَهُم مِنَ الحُكمِ في ذلِكَ ، وقَد حَضَرَ المَجلِسَ أهلُ بَيتِهِ وقُوّادُهُ ووُزَراؤُهُ وكُتّابُهُ ، وقَد تَسامَعَ الناسُ بِذلِكَ مِن وَراءِ بابِهِ ، ثُمَّ يَترُكُ أقاويلَهُم كُلَّهُم لِقَولِ رَجُلٍ يَقولُ شَطرُ هذِهِ الاُمَّةِ بِإِمامَتِهِ ، ويَدَّعونَ أنَّهُ أولى‏ مِنهُ بِمَقامِهِ ، ثُمَّ يَحكُمُ بِحُكمِهِ دونَ حُكمِ الفُقَهاءِ .
قالَ : فَتَغَيَّرَ لَونُهُ وَانتَبَهَ لِما نَبَّهتُهُ لَهُ ، وقالَ : جَزاكَ اللَّهُ عَن نَصيحَتِكَ خَيراً ، وقالَ : فَأَمَرَ يَومَ الرّابِعِ فُلاناً مِن كُتّابِ وُزَرائِهِ بِأَن يَدعوهُ إلى‏ مَنزِلِهِ ، فَدَعاهُ فَأَبى‏ أن يُجيبَهُ ، وقالَ : قَد عَلِمتَ أنّي لا أحضُرُ مَجالِسَكُم .
فَقالَ : إنّي إنَّما أدعوكَ إلَى الطَّعامِ ، واُحِبُّ أن تَطَأَثِيابي وتَدخُلَ مَنزِلي فَأَتَبَرَّكَ بِذلِكَ ، وقَد أحَبَّ فُلانُ بنُ فُلانٍ مِن وُزَراءِ الخَليفَةِ لِقاءَكَ .
فَصارَ إلَيهِ ، فَلَمّا أطعَمَ مِنها أحَسَّ السَّمَّ ، فَدَعا بِدابَّتِهِ فَسَأَلَهُ رَبُّ المَنزِلِ أن يُقيمَ ، قالَ: خُروجي مِن دارِكَ خَيرٌ لَكَ، فَلَم يَزَل يَومُهُ ذلِكَ ولَيلُهُ في خِلفَةٍ۱ حَتّى‏ قُبِضَ عليه السلام .۲

۴ / ۸

ما يبيّن حكمةَ الأحكام‏

۱۵۹۸. الإمام علي عليه السلام : فَرَضَ اللَّهُ الإِيمانَ تَطهيراً مِنَ الشِّركِ ، وَالصَّلاةَ تَنزيهاً عَنِ الكِبرِ ، وَالزَّكاةَ تَسبيباً للرِّزقِ، وَالصِّيامَ ابتِلاءً لِإِخلاصِ الخَلقِ ، وَالحَجَّ تَقرِبَةً لِلدِّينِ ، وَالجِهادَ عِزّاً لِلإِسلامِ ، وَالأَمرَ بِالمَعروفِ مَصلَحَةً للعَوامِّ ، وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ رَدعاً لِلسُّفَهاءِ ، وصِلَةَ

1.الخِلفَة : الهَيضَة . يقال أخَذَته خِلفَةٌ ؛ إذا اختلف إلى المتوَضَّأ . ويقال : به خِلفَة : أي بَطَن (لسان العرب : ج ۹ ص ۹۱ «خلف») .

2.تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۳۱۹ ح ۱۰۹ ، بحار الأنوار : ج ۵۰ ص ۵ ح ۷ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
316

أيِّ مَوضِعٍ يَجِبُ أن يُقطَعَ؟ قال : فَقُلتُ : مِنَ الكُرسوعِ .۱ قالَ : ومَا الحُجَّةُ في ذلِكَ؟ قالَ : قُلتُ : لِأَنَّ اليَدَ هِيَ الأَصابِعُ وَالكَفُّ إلَى الكُرسوعِ ؛ لِقَولِ اللَّهِ فِي التَّيَمُّمِ : « فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ »۲ . وَاتَّفَقَ مَعي عَلى‏ ذلِكَ قَومٌ .
وقالَ آخَرونَ : بَل يَجِبُ القَطعُ مِنَ المِرفَقِ . قالَ : ومَا الدَّليلُ عَلى‏ ذلِكَ؟ قالوا : لِأَنَّ اللَّهَ لَمّا قالَ : « وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ »۳ فِي الغَسلِ دَلَّ ذلِكَ عَلى‏ أنَّ حَدَّ اليَدِ هُوَ المِرفَقِ .
قالَ : فَالتَفَتَ إلى‏ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام فَقالَ : ما تَقولُ في هذا يابا جَعفَرٍ؟ فَقالَ : قَد تَكَلَّمَ القَومُ فيهِ يا أميرَالمُؤمِنينَ . قالَ : دَعني مِمّا تَكَلَّموا بِهِ ، أيُّ شَي‏ءٍ عِندَكَ؟ قالَ : اُعفُني عَن هذا يا أميرَ المُؤمِنينَ . قالَ : أقسَمتُ عَلَيكَ بِاللَّهِ لَمّا أخبَرتَ بِما عِندَكَ فيهِ .
فَقالَ : أمّا إذا أقسَمتَ عَلَيَّ بِاللَّهِ إنّي أقولُ : إنَّهُم أخطَؤوا فيهِ السُّنَّةَ ، فَإِنَّ القَطعَ يَجِبُ أن يَكونَ مِن مَفصِلِ اُصولِ الأَصابِعِ فَيُترَكُ الكَفُّ .
قالَ : ومَا الحُجَّةُ في ذلِكَ؟
قالَ : قَولُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : «السُّجودُ عَلى‏ سَبعَةِ أعضاءٍ : الوَجهِ ، وَاليَدَينِ ، وَالرُّكبَتَينِ ، وَالرِّجلَينِ» ، فَإِذا قُطِعَت يَدُهُ مِنَ الكُرسوعِ أوِ المِرفَقِ لَم يَبقَ لَهُ يَدٌ يَسجُدُ عَلَيها ، وقالَ اللَّهُ تَبارَكَ و تَعالى‏ : « وَ أَنَّ الْمَسَجِدَ لِلَّهِ » يَعني بِهِ هذِهِ الأَعضاءَ السَّبعَةَ الَّتي يُسجَدُ عَلَيها « فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَدًا »۴ وما كانَ للَّهِ‏ِ لَم يُقطَع .
قالَ : فَأَعجَبَ المُعتَصِمَ ذلِكَ ، وأمَرَ بِقَطعِ يَدِ السّارِقِ مِن مَفصِلِ الأَصابِعِ دونَ الكَفِّ .
قالَ ابنُ أبي داوودَ : قامَت قِيامَتي وتَمَنَّيتُ أنّي لَم أكُ حَيّاً .

1.الكرسوعُ : طرف رأس الزند ممّا يلي الخنصر (النهاية : ج ۴ ص ۱۶۳ «كرسع») .

2.النساء : ۴۳ .

3.المائدة : ۶ .

4.الجنّ : ۱۸ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 37396
صفحه از 618
پرینت  ارسال به