295
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

نَفْسٌ شَيًْا » فَهُوَ ميزانُ العَدلِ يُؤخَذُ بِهِ الخَلائِقُ يَومَ القِيامَةِ ، يَدينُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى‏ الخَلقَ بَعضَهُم مِن بَعضٍ بِالمَوازينِ .
وفي غَيرِ هذَا الحَديثِ : المَوازينُ هُمُ الأَنبِياءُ وَالأَوصِياءُ عليهم السلام .۱
وأمّا قَولُهُ عزّ و جلّ : « فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَزْنًا » فَإِنَّ ذلِكَ خاصَّةٌ. وأمّا قَولُهُ: « فَأُوْلَل-ِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ » فَإِنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله قالَ: قالَ اللَّهُ عزّ و جلّ : لَقَد حَقَّت كَرامَتي - أو قالَ: مَوَدَّتي - لِمَن يُراقِبُني ويَتَحابُّ بِجَلالي ، إنَّ وُجوهَهُم يَومَ القِيامَةِ مِن نورٍ عَلى‏ مَنابِرَ مِن نورٍ ، عَلَيهِم ثِيابٌ خُضرٌ .
قيلَ: مَن هُم يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: قَومٌ لَيسوا بِأَنبِياءَ ولا شُهَداءَ ، ولكِنَّهُم تَحابّوا بِجَلالِ اللَّهِ ويَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ ، نَسأَلُ اللَّهَ عزّ وجلّ أن يَجعَلَنا مِنهُم بِرَحمَتِهِ.
وأمّا قَولُهُ: « فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَ زِينُهُ » و « خَفَّتْ مَوَ زِينُهُ » فَإِنَّما يَعنِي الحِسابَ ، توزَنُ الحَسَناتُ وَالسَّيِّئاتُ ، وَالحَسَناتُ ثِقلُ الميزانِ وَالسَّيِّئاتُ خِفَّةُ الميزانِ.۲
فَقالَ عليه السلام : وأمّا قَولُهُ : « قُلْ يَتَوَفَّل-كُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ » ، وقَولُهُ: « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا » ، وقَولُهُ: « تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ » ، وقَولُهُ: « الَّذِينَ تَتَوَفَّل-هُمُ الْمَلَل-ِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ » ، وقَولُهُ: « تَتَوَفَّل-هُمُ الْمَلَل-ِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَمٌ عَلَيْكُمُ » فَإِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى‏ يُدَبِّرُ الاُمورَ كَيفَ يَشاءُ ، ويُوَكِّلُ مِن خَلقِهِ مَن يَشاءُ بِما يَشاءُ ، أمّا مَلَكُ المَوتِ فَإِنَّ اللَّهَ يُوَكِّلُهُ بِخاصَّةِ مَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ ، ويُوَكِّلُ رُسُلَهُ مِنَ المَلائِكَةِ خاصَّةً بِمَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ ، وَالمَلائِكَةُ الَّذينَ سَمّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ ذِكرُهُ وَكَّلَهُم بِخاصَّةِ مَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ ، إنَّهُ تَبارَكَ وتَعالى‏ يُدَبِّرُ الاُمورَ كَيفَ يَشاءُ ، ولَيسَ كُلُّ العِلمِ يَستَطيعُ صاحِبُ العِلمِ أن يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النّاسِ ، لِأَنَّ مِنهُمُ القَوِيَّ وَالضَّعيفَ ، ولِأَنَّ مِنهُ ما يُطاقُ حَملُهُ ومِنهُ ما لا يُطاقُ حَملُهُ ، إلّا مَن يُسَهِّلُ اللَّهُ لَهُ حَملَهُ وأعانَهُ عَلَيهِ مِن خاصَّةِ أولِيائِهِ ، وإنَّما يَكفيكَ أن تَعلَمَ أنَّ اللَّهَ هُوَ المُحيِي

1.قوله: «وفي غير هذا الحديث...» إلى هنا ، هو من كلام المصنّف ؛ أي الشيخ الصدوق رحمه اللّه.

2.الظاهر أنّه سقط هنا أيضاً قول الرجل : «فرّجت عنّي يا أمير المؤمنين ... إلخ» كما يقتضيه السياق .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
294

قالَ: فَرَّجتَ عَنّي يا أميرَ المُؤمِنينَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنكَ ، وحَلَلتَ عَنّي عُقدَةً.
فَقالَ عليه السلام : وأمّا قَولُهُ: « بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَفِرُونَ » ، وذَكَرَ اللَّهُ المُؤمِنينَ : « الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَقُواْ رَبِّهِمْ » ، وقَولُهُ لِغَيرِهِم : « إِلَى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ »۱ ، وقَولُهُ: « فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَلِحًا » ؛ فَأَمّا قَولُهُ: « بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَفِرُونَ » يَعنِي البَعثَ ، فَسَمّاهُ اللَّهُ عزّ و جلّ لِقاءَهُ ، وكَذلِكَ ذَكَرَ المُؤمِنينَ « الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَقُواْ رَبِّهِمْ » يَعني يوقِنونَ أنَّهُم يُبعَثونَ ويُحشَرونَ ويُحاسَبونَ ويُجزَونَ بِالثَّوابِ وَالعِقابِ ، فَالظَّنُّ ههُنَا اليَقينُ خاصَّةً ، وكَذلِكَ قَولُهُ: « فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَلِحًا » وقَولُهُ: « مَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَأَتٍ » يَعني: مَن كانَ يُؤمِنُ بِأَنَّهُ مَبعوثٌ فَإِنَّ وَعدَ اللَّهِ لَآتٍ مِنَ الثَّوابِ وَالعِقابِ ، فَاللِّقاءُ ههُنا لَيسَ بِالرُّؤيَةِ ، وَاللِّقاءُ هُوَ البَعثُ ، فَافهَم جَميعَ ما في كِتابِ اللَّهِ مِن لِقائِهِ فَإِنَّهُ يَعني بِذلِكَ البَعثَ ، وكَذلِكَ قَولُهُ: « تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَمٌ » يَعني أنَّهُ لا يَزولُ الإِيمانُ عَن قُلوبِهِم يَومَ يُبعَثونَ .
قالَ: فَرَّجتَ عَنّي يا أميرَ المُؤمِنينَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنكَ ، فَقَد حَلَلتَ عَنّي عُقدَةً.
فَقالَ عليه السلام : وأمّا قَولُهُ: « وَ رَءَا الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّواْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا » يَعني أيقَنوا أنَّهُم داخِلوها ، وكَذلِكَ قَولُهُ: « إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَقٍ حِسَابِيَهْ » يَقولُ : إنّي أيقَنتُ أنّي اُبعَثُ فَاُحاسَبُ ، وكَذلِكَ قَولُهُ: « يَوْمَل-ِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ » ، وأمّا قَولُهُ لِلمُنافِقينَ: « وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا » فَهذَا الظَّنُّ ظَنُّ شَكٍّ ولَيسَ ظَنَّ يَقينٍ ، وَالظَّنُّ ظَنّانِ : ظَنُّ شَكٍّ وظَنُّ يَقينٍ ، فَما كانَ مِن أمرِ مَعادٍ مِنَ الظَّنِّ فَهُوَ ظَنُّ يَقينٍ ، وما كانَ مِن أمرِ الدُّنيا فَهُوَ ظَنُّ شَكٍّ ، فَافهَم ما فَسَّرتُ لَكَ .
قالَ: فَرَّجتَ عَنّي يا أميرَ المُؤمِنينَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنكَ.
فَقالَ عليه السلام : وأمّا قَولُهُ تَبارَكَ وتَعالى‏: « وَ نَضَعُ الْمَوَ زِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَمَةِ فَلَا تُظْلَمُ

1.التوبة : ۷۷ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34774
صفحه از 618
پرینت  ارسال به