بابِ النِّسيانِ قَد نَسِيَنا فُلانٌ فَلا يَذكُرُنا ، أي أنَّهُ لا يَأمُرُ لَنا بِخَيرٍ ولا يَذكُرُنا بِهِ ، فَهَل فَهِمتَ ما ذَكَرَ اللَّهُ عزّ و جلّ ؟
قالَ: نَعَم ، فَرَّجتَ عَنّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنكَ ، وحَلَلتَ عَنّي عُقدَةً فَعَظَّمَ اللَّهُ أجرَكَ .
فَقالَ: وأمّا قَولُهُ: « يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلَل-ِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَ قَالَ صَوَابًا » ، وقَولُهُ: « وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ » ، وقَولُهُ: « يَوْمَ الْقِيَمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا » ، وقَولُهُ: « إِنَّ ذَ لِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ » ، وقَولُهُ: « لَا تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ » ، وقَولُهُ: « الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَ هِهِمْ وَ تُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ » فَإِنَّ ذلِكَ في مَواطِنَ غَيرِ واحِدٍ مِن مَواطِنِ ذلِكَ اليَومِ الَّذي كانَ مِقدارُهُ خَمسينَ ألفَ سَنَةٍ ، يَجمَعُ اللَّهُ عزّ و جلّ الخَلائِقَ يَومَئِذٍ في مَواطِنَ يَتَفَرَّقونَ ، ويُكَلِّمُ بَعضُهُم بَعضاً ، ويَستَغفِرُ بَعضُهُم لِبَعضٍ؛ اُولئِكَ الَّذينَ كانَ مِنهُمُ الطّاعَةُ فِي دارِ الدُّنيا لِلرُّؤَساءِ وَالأَتباعِ۱ ، ويَلعَنُ أهلَ المَعاصِي۲ الَّذينَ بَدَت مِنهُمُ البَغضاءُ وتَعاوَنوا عَلَى الظُّلمِ وَالعُدوانِ في دارِ الدُّنيا ، المُستَكبِرينَ وَالمُستَضعَفينَ ، يَكفُرُ بَعضُهُم بِبَعضٍ ويَلعَنُ بَعضُهُم بَعضاً ، وَالكُفرُ في هذِهِ الآيَةِ البَراءَةُ ؛ يَقولُ: يَبرَأُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ ، ونَظيرُها في سورَةِ إبراهيمَ قَولُ الشَّيطانِ: « إِنِّى كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ »۳ ، وقَولُ إبراهيمَ خَليلِ الرَّحمنِ : « كَفَرْنَا بِكُمْ »۴ يَعني تَبَرَّأنا مِنكُم.
ثُمَّ يَجتَمِعونَ في مَوطِنٍ آخَرَ يَبكونَ فيهِ ، فَلَو أنَّ تِلكَ الأَصواتَ بَدَت لِأَهلِ الدُّنيا
1.الرؤساء من أهل الحقّ. والاتّباع مصدر عطف على الطاعة (هامش المصدر) . ويُحتمل «الأَقباع» جمع «قَبَع» عطف على «للرؤساء» و حينئذٍ «اللام» فيها بمعنى «مِن البيانيّة» .
2.قوله: «ويلعن أهل المعاصي» عطف على «يجمع» ، وفاعله ضمير راجع إلى اللَّه عزّ و جلّ ، و «أهل المعاصي» مفعوله ، والموصول صفة لأهل المعاصي ، «المستكبرين والمستضعفين» صفتان بعد صفة ، و«يكفر» و «يلعن» حالان للمفعول (هامش المصدر) .
3.إبراهيم : ۲۲ .
4.الممتحنة : ۴ .