263
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

وكَذا ، فَيُعَلِّمُني‏تَنزيلَهُ وتَأويلَهُ‏۱ . ۲

كما روي عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله أنّه قال:
مَعاشِرَ النّاسِ ، هذا عَلِيٌّ أخي ووَصِيّي وواعي عِلمي وخَليفَتي في اُمَّتي عَلى‏ مَن آمَنَ بي ، ألا إنَّ تَنزيلَ القُرآنِ عَلَيَّ ، وتَأويلَهُ وتَفسيرَهُ بَعدي عَلَيهِ .۳

كما نقل في مسند ابن حنبل عن أبي سعيد الخدري أنّه قال:
كنّا جلوساً ننتظر رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، قال: فقمنا معه فانقطعت نعله، فتخلّف عليها عليٌّ يخصفها، فمضى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ومضينا معه ثمّ قام ينتظره وقمنا معه، فقال:
«إنَّ مِنكُم مَن يُقاتِلُ عَلى‏ تَأويلِ هذَا القُرآنِ كَما قاتَلتُ عَلى‏ تَنزيلِهِ ، فَاستَشرَفنا وفينا أبو بكرٍ وعُمَرُ ، فَقالَ : لا ، ولكِنَّهُ خاصِفُ النَّعلِ».
قال: فجئنا نبشّره، - قال: - وكأنّه قد سمعه.۴

و حري بالذكر أنّ هذه الرواية نقلت عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله بطرق متعدّدة في مصادر الشيعة والسنّة.۵

والآن يجب أن نرى ماهو المقصود من «تنزيل القرآن» بإزاء تأويله؟

ومقتضى ما مرّ في بيان كلمتي «التنزيل» و «التأويل» واستعمالهما في القرآن هو أنّ المراد من «التنزيل» ظاهر القرآن، ومن «التأويل» باطنه، والجدير بالاهتمام أنّ هذا المعنى صرّح به في رواية عن الإمام الباقر عليه السلام ، حيث جاء فيها:
ظَهرُهُ تَنزيلُهُ ، وبَطنُهُ تَأويلُهُ ، مِنهُ ما قَد مَضى‏ ، ومِنهُ ما لَم يَكُن ... .۶

1.موسوعة أمير المؤمنين عليه السلام : ج ۱۰ ص ۴۹۱۰.

2.راجع: ص ۲۶۵ (الفصل الثاني: معرفة التفسير والتأويل) و ص ۲۶۷ (الراسخون في العلم وفي معرفة التأويل).

3.موسوعة أمير المؤمنين عليه السلام : ج ۱۰ ص ۵۵۰ ح ۴۸۹۸.

4.مسند ابن حنبل: ج ۳ ص ۸۲.

5.موسوعة أمير المؤمنين عليه السلام : ج ۱۰ ص ۵۴۶ - ۵۶۵ (الفصل الثالث: أنواع علوم الإمام / معرفة الكتاب والقرآن).

6.راجع: ص ۲۴۹ ح ۱۴۷۲.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
262

المخالف لظاهر اللفظ. يقول العلّامة الطباطبائي في هذا المجال:
فَسَّرَ قَومٌ مِنَ المُفَسِرينَ التَّأويلَ بِالتَّفسيرِ و هُوَ المُرادُ مِنَ الكَلامِ ... وقالتَ طائَفَةٌ اُخرى‏ : إنَّ المُرادَ بِالتَّأويلِ المُخالفُ لِظاهِرِ اللَّفظِ ، و قَد شاعَ هذا المَعنى‏ بِحَيثُ عادَ اللَّفظُ حَقيقةً ثانِيَةً فيهِ بَعدَ ما كانَ بِحَسَبِ اللَّفظِ لِمَعنىً مُطلَقِ الإرجاعِ أو المَرجعِ . و كَيفَ كانَ فَهذا المَعنى‏ هُوَ الشّائِعُ عِندَ المُتَأخِّرينَ كَما أنَّ المَعنى‏ الأوَّلَ هُوَ الَّذي كانَ شائِعاً بَينَ قُدَماءِ المُفَسِّرينَ .۱

والملاحظة الجديره - بالاهتمام: أنّ كلمة «التأويل» استعملت في القرآن بمعنى المخالف لظاهر اللفظ في كلّ المواضع‏۲ إلّا مرّة واحده، ولعلّ هذا هو سبب تحوّل هذه الكلمة تدريجياً إلى المعنى المخالف لظاهر اللفظ.

الفرق بين «التأويل» و«التنزيل»

جاء «تأويل القرآن» في عدد من الروايات في مقابل «تنزيل القرآن»، مثل ما روي عن الإمام عليّ عليه السلام :
سَلوني عَن كِتابِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ ، فَوَاللَّهِ ما نَزَلَت آيَةٌ مِنهُ في لَيلٍ أو نَهارٍ ، ولا مَسيرٍ ولا مُقامٍ ، إلّا وقَد أقرَأَنيها رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله وعَلَّمَني تَأويلَها .۳

وعندما بلغ كلام الإمام عليه السلام هذا الموضع سأله ابن الكوّاء:
يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَما كانَ يَنزِلُ عَلَيهِ وأنتَ غائِبٌ عَنهُ ؟

فأجاب الإمام عليه السلام :
كانَ يَحفَظُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ما كانَ يَنزِلُ عَلَيهِ مِنَ القُرآنِ وأنَا عَنهُ غائِبٌ حَتّى‏ أقدَمَ عَلَيهِ فَيُقرِئُنيهِ ويَقولُ لي : يا عَلِيُّ ، أنزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ بَعدَكَ كَذا وكَذا وتَأويلُهُ كَذا

1.الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۴۴.

2.في ستّة عشر موضعاً.

3.موسوعة أمير المؤمنين عليه السلام : ج ۱۰ ص ۵۵۴ ح ۴۹۰۹.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34747
صفحه از 618
پرینت  ارسال به