261
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

و«التنزيل»، واستعمال هذه الكلمات في القرآن، علينا أن نرى ما هو الفرق بين هذه الكلمات، عندما تستعمل بشأن هذا الكتاب السماوي؟

الفرق بين تفسير القرآن وتأويله‏

سبقت الإشارة إلى أنّ التفسير والتأويل يعنيان في الأصل: إظهار المعنى الباطن للفظ وبيان مقصوده الحقيقي، إلّا أنّ إظهار المعنى الباطن للفظ له مراتب وأنواع مختلفة.

كما أنّ دراسة مواضع استعمال كلمتي التفسير والتأويل في الروايات‏۱ تؤيّد هذه الحقيقة، فقد استعملت هذه الكلمات في الكثير منها في المواضع المشابهة على حدّ سواء. ويبدو أنّه لهذا السبب اعتبر بعض الباحثين تفسير القرآن وتأويله بمعنى واحد. يقول الشريف المرتضى (رحمه اللَّه) في بيان إمكانية تفسير الآيات المتشابهة بالرجوع إلى محكمات القرآن:
... فَيَعلَمُ الرّاسِخونَ فِى العِلمِ تَأويلَهُ إذَا استَدلّوا بالمُحكَمِ عَلى‏ مَعناهُ و لَو كانَ العُلَماءُ لا يَعلَمونَ شَيئاً مِن تَأويلِ المُتَشابِهِ بَتَّةً ، ما كانَ لمِا رُوِىَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله عَلَّمَ أميرَالمُؤمِنينَ عليه السلام التَّفسيرَ ، مَعنىً ، لِأنَّ مَعنَى التَّفسيرِ وَ التَّأويلِ إنَّما يَكونُ لِما غَمَضَ و دَقَّ و لَم يُعلَم بِظاهِرِهِ و هذِهِ صِفَةُ المُتَشابِهِ .۲

كما اعتبر الشريف المرتضى رحمه اللّه التأويل والتفسير بمعنى واحد۳، بل إنّ المعنى الواحد لهاتين الكلمتين كان شائعاً عند المفسّرين المتقدّمين.۴

إلّا أنّ المفسّرين المتأخّرين لا يرون معنى «التأويل» و«التفسير» واحداً، بل يرون أنّ «التفسير»: هو إظهار المعنى الموافق لظاهر اللفظ، والتأويل: إظهار المعنى

1.راجع: الأحاديث ۱۳۹۹، ۱۴۱۱، ۱۴۳۶، ۱۴۶۷ وكذلك روايات الفصل الخامس بشأن النهي من تفسير القرآن وتأويله استناداً إلى الرأي.

2.حقائق التأويل: ص ۷.

3.راجع: الأمالي للسيّد المرتضى: ج ۱ ص ۲.

4.راجع: الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۴۴.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
260

« هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَابِ » .۱

والمراد بالتأويل في هذه الآية - بمقتضى سياقها والضمائر التي تكرّرت مرّتين في لفظ «تأويله» - هو المراد من خصوص الآيات المتشابهة، والضمير في هذا اللفظ يعود - كما قال الكثير من المفسّرين - إلى «ما» في جملة «ما تشابه»، وإرجاعه إلى «الكتاب» الوارد في بداية الآية بعيد للغاية عن التفاهم العرفي، كما قال بعض كبار العلماء.۲

وبناء على ذلك، يبدو - كما سبقت الإشارة في بيان المعنى اللغوي ل «التأويل» - أنّ لفظ «التأويل» له معنى واسع يشمل المفاهيم الذهنية والعينية، وتأويل القرآن - كما قال بعض المفسّرين - لا يختصّ بالمفاهيم العينية.۳

استعمال كلمة «التنزيل» في القرآن‏

وردت كلمة «التنزيل» خمس عشرة مرّة في القرآن‏۴، وهي - سوى مرّة واحدة - في بيان مصدر الوحي وكيفية نزول القرآن. وقد صرّحت هذه الآيات بأنّ نصّ هذا الكتاب السماوي نزل من ربّ العالمين العليم، الحكيم، العزيز، الحميد، الرحمن الرحيم على النبيّ صلى اللّه عليه و آله .

والآن ومع الأخذ بنظر الاعتبار ما لوحظ في دراسة «التفسير» و«التأويل»

1.آل عمران: ۷.

2.الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۲۰ - ۲۹ (ذيل الآية ۱۷ من سورة آل عمران).

3.راجع: دانش‏نامه جهان اسلام: ج ۶ ص ۳۱۵ - ۳۱۶.

4.راجع: الفرقان: ۲۵ (هذه الآية تختص بنزول الملائكة).

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34589
صفحه از 618
پرینت  ارسال به