235
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

الاُخرى. والمغرب هو البلد الوحيد الذي شاعت فيه قراءة نافع برواية ورش.۱

عوامل اختلاف القراءات‏

لظاهرة اختلاف قراءات القرآن عوامل مختلفة أهمّها:

۱. ضعف الخطّ العربي‏

كتب القرآن الكريم في البدء بخطّ خلا من النقاط والحركات، كما لم تكتب الألف في وسط الكلمات‏۲، حيث قرأ بعضهم « مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ »« مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ »۳؛ ولذلك، فقد كانت تلاوة القرآن تعتمد على القراءة والحفظ أكثر من الكتابة، حتّى أنّ عثمان بعد توحيد المصاحف و إ رساله مصحفاً إلى كلّ مدينة من المدن الإسلامية المهمّة، مثل: مكّة والبصرة والكوفة والشام‏۴، أرسل إلى جانبه أحد الشخصيّات المتبحّرة في قراءة القرآن. تعلّمت قراءته من النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، أو كبار الصحابة من دون واسطة.۵

ويدلّ هذا الإجراء على أنّ خطّ القرآن لم يكن بمقدوره أن يشبع حاجة القارئ إلى القراءة الصحيحة بنحو كامل.

۲. اختلاف لهجات القبائل العربية

كانت الحياة القبلية في الحجاز والمسافات الجغرافية بين القبائل، قد هيّأت الأرضية ل «اختلاف اللهجات». ورغم أنّ القرآن نزل بلغة قريش ولهجتها التي تعدّ أفضل اللهجات وأفصحها بين لهجات العرب‏۶، إلّا أنّ قراء القرآن الذين تكلّموا بلهجات

1.التبيان في تفسير القرآن: ج ۷ ص ۴۴ ح ۱۱۳؛ البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۳۲۵، البيان: ص ۱۴۰.

2.البيان: ص ۱۶۴.

3..تفسير العيّاشي: ج ۱ ص ۲۲؛ التبيان في تفسير القرآن: ج ۱ ص ۳۳؛ الكشّاف: ج ۱ ص ۵۶.

4.أحكام القرآن لابن العربي: ج ۲ ص ۱۰۳۶ - ۱۰۴۱؛ بيان المعاني: ج ۱ ص ۳۱.

5.مناهل العرفان: ج ۱ ص ۴۰۲ - ۴۰۳؛ تاريخ قرآن: ص ۴۶۴ - ۴۶۵.

6.إعراب القرآن و بيانه: ج ۷ ص ۴۴۸.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
234

وقد مضى هذا الاختلاف بسرعة حتّى بداية القرن الرابع حيث اختار ابن مجاهد۱ - الذي كان متبحّراً في مجال القراءات - القراءات السبع من بين القراءات العديدة على أساس مقاييس معيّنة. وقد حظيت القراءات السبع بالقبول بسبب مكانة ابن مجاهد في مجال القراءة ودقّته في اختيارها، وبذلك اُهملت واندرست القراءات الاُخرى.۲

والعامل الآخر للترحيب بالقراءات السبع، هو تطابق القراءات السبع التي اقترحها ابن مجاهد مع الأحاديث المشهورة ل «للأحرف السبعة»۳، أي إنّ الكثيرين يرون أنّ «الأحرف السبعة» في هذه الرواية ما هي إلّا القراءات السبع.۴

وهكذا، قرّرت الكثير من المدن صحّة القراءات السبع واعتمادها، وترك القراءات الاُخرى.۵

وجدير بالذكر أنّ قراءة عاصم‏۶ برواية حفص‏۷ كانت القراءة الوحيدة التي حظيت بترحيب عامّة المسلمين من بين القراءات السبع‏۸، واُهملت القراءات

1.هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العبّاس (ت ۳۲۴ق) قارئ بغداد الكبير في القرن الرابع الهجري الذي استطاع بفضل مكانته المرموقة بين أهل القراءات، أن يضفي الطابع الرسمي على القراءات السبع، بكتابه السبع، رغم وجود الكتب السابقة في القراءات السبع و الثماني و العشر وأمثالها. وكان قد ختم القرآن مراراً بقراءات نافع و أبي عمرو وحمزة والكسائي، عند أهم أساتذته أبي الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس.

2.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۳۲۷؛ البيان : ص ۱۶۰.

3.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۳۲۹؛ بحار الأنوار: ج ۳۱ ص ۲۱۲.

4.الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۱۶؛ شرح أصول الكافي: ج ۱۱ ص ۸۰ - ۸۱.

5.فتح الباري: ج ۹ ص ۲۹.

6.عاصم بن أبي النجود (ت ۱۲۸ق) من أهل الكوفة ومن القرّاء السبعة (الطبقة الثالثة)، شيعي قرأ القرآن على اُستاذه أبي عبداللَّه السلمي الذي كان تلميذ الإمام عليّ عليه السلام . يثق العلماء الشيعة والسنة بصحّة قراءته.

7.حفص بن سليمان الأسدي الكوفي (ت‏۱۹۳ق)، أحد رواة القرآن عن عاصم، قرأه على اُستاذه عاصم كراراً. وتطبع المصاحف حالياً وفقاً لرواية حفص عن عاصم عن أبي عبداللَّه السلمي عن الإمام علي عليه السلام .

8.راجع: المناقب لابن شهر آشوب : ج ۱ ص ۳۲۱؛ سير أعلام النبلاء : ج ۸ ص ۵۰ ، الإتقان في علوم القرآن: ج‏۱ ص ۲۰۰.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34639
صفحه از 618
پرینت  ارسال به