217
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

ومِن نَزَغاتِ الشَّيطانِ وخَطَراتِ الوَسواسِ حارِساً ، ولِأَقدامِنا عَن نَقلِها إلَى المَعاصي حابِساً ، ولِأَلسِنَتِنا عَنِ الخَوضِ فِي الباطِلِ مِن غيرِ ما آفَةٍ مُخرِساً ، ولِجَوارِحِنا عَنِ اقتِرافِ الآثامِ زاجِراً ، ولِما طَوَتِ الغَفلَةُ عَنّا مِن تَصَفُّحِ الاِعتِبارِ ناشِراً ، حَتّى‏ توصِلَ إلى‏ قُلوبِنا فَهمَ عَجائِبِهِ ، وزاجِرَ أمثالِهِ الَّتي ضَعُفَتِ الجِبالُ الرَّواسي عَلى‏ صَلابَتِها عَنِ احتِمالِهِ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وأَدِم بِالقُرآنِ صَلاحَ ظاهِرِنا ، وَاحجُب بِهِ خَطَراتِ الوَسواسِ عَن صِحَّةِ ضَمائِرِنا ، وَاغسِل بِهِ دَرَنَ قُلوبِنا وعَلائِقَ أوزارِنا ، وَاجمَع بِهِ مُنتَشَرَ اُمورِنا ، وأروِ بِهِ في مَوقِفِ العَرضِ عَلَيكَ ظَمَأَ هَواجِرِنا ، وَاكسُنا بِهِ حُلَلَ الأَمانِ يَومَ الفَزَعِ الأَكبَرِ في نُشورِنا .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاجبُر بِالقُرآنِ خَلَّتَنا مِن عَدَمِ الإِملاقِ ، وسُق إلَينا بِهِ رَغَدَ العَيشِ وخِصبَ سَعَةِ الأَرزاقِ ، وجَنِّبنا بِهِ الضَّرائِبَ المَذمومَةَ ومَدانِيَ الأَخلاقِ، وَاعصِمنا بِهِ مِن هُوَّةِ الكُفرِ ودَواعِي النِّفاقِ. حَتّى‏ يَكونَ لَنا فِي القِيامَةِ إلى‏ رِضوانِكَ وجِنانِكَ قائِداً ، ولَنا فِي الدُّنيا عَن سَخَطِكَ وتَعَدّي حُدودِكَ ذائِداً ، ولِما عِندَكَ بِتَحليلِ حَلالِهِ وتَحريمِ حَرامِهِ شاهِداً .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وهوِّن بِالقُرآنِ عِندَ المَوتِ عَلى‏ أنفُسِنا كَربَ السِّياقِ ، وجَهدَ الأَنينِ ، وتَرادُفَ الحَشارِجِ‏۱ إذا بَلَغَتِ النُّفوسُ التَّراقِيَ وقيلَ مَن راقٍ ، وتَجَلّى‏ مَلَكُ المَوتِ لِقَبضِها مِن حُجُبِ الغُيوبِ ، ورَماها عَن قَوسِ المَنايا بِأَسهُمِ وَحشَةِ الفِراقِ ، ودافَ لَها مِن ذُعافِ المَوتِ كَأساً مَسمومَةَ المَذاقِ ، ودَنا مِنّا إلَى الآخِرَةِ رَحيلٌ وَانطِلاقٌ ، وصارَتِ الأَعمالُ قَلائِدَ فِي الأَعناقِ ، وكانَتِ القُبورُ هِيَ المَأوى‏ إلى‏ ميقاتِ يَومِ التَّلاقِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وبارِك لَنا في حُلولِ دارِ البِلى‏ ، وطولِ المُقامَةِ بَينَ أطباقِ الثَّرى‏ ، وَاجعَلِ القُبورَ بَعدَ فِراقِ الدُّنيا خَيرَ مَنازِلِنا ، وَافسَح لَنا بِرَحمَتِكَ

1.الحشرجة : الغرغرة عند الموت وتردُّد النَّفَس (النهاية : ج ۱ ص ۳۸۹ «حشرج») .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
216

أيدِي الهَلَكاتِ مَن تَعَلَّقَ بِعُروَةِ عِصمَتِهِ.
اللَّهُمَّ فَإِذ أفَدتَنَا المَعونَةَ عَلى‏ تِلاوَتِهِ ، وسَهَّلتَ جَواسِيَ ألسِنَتِنا بِحُسنِ عِبارَتِهِ ، فَاجعَلنا مِمَّن يَرعاهُ حَقَّ رِعايَتِهِ ، ويَدينُ لَكَ بِاعتِقادِ التَّسليمِ لِمُحكَمِ آياتِهِ ، ويَفزَعُ إلَى الإِقرارِ بِمُتَشابِهِهِ وموضَحاتِ بَيِّناتِهِ.
اللَّهُمَّ إنَّكَ أنزَلتَهُ عَلى‏ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله مُجمَلاً ، وألهَمتَهُ عِلمَ عَجائِبِهِ مُكَمَّلاً ، ووَرَّثتَنا عِلمَهُ مُفَسَّراً ، وفَضَّلتَنا عَلى‏ مَن جَهِلَ عِلمَهُ ، وقَوَّيتَنا عَلَيهِ لِتَرفَعَنا فَوقَ مَن لَم يُطِق حَملَهُ.
اللَّهُمَّ فَكَما جَعَلتَ قُلوبَنا لَهُ حَمَلَةً ، وعَرَّفتَنا بِرَحمَتِكَ شَرَفَهُ وفَضلَهُ ، فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ الخَطيبِ بِهِ ، وعَلى‏ آلِهِ الخُزّانِ لَهُ ، وَاجعَلنا مِمَّن يَعتَرِفُ بِأَنَّهُ مِن عِندِكَ ، حَتّى‏ لا يُعارِضَنَا الشَّكُّ في تَصديقِهِ ، ولا يَختَلِجَنَا الزَّيغُ‏۱ عَن قَصدِ طَريقِهِ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَاجعَلنا مِمَّن يَعتَصِمُ بِحَبلِهِ ، ويَأوي مِنَ المُتَشابِهاتِ إلى‏ حِرزِ مَعقِلِهِ ، ويَسكُنُ في ظِلِّ جَناحِهِ ، ويَهتَدي بِضَوءِ صَباحِهِ ، ويَقتَدي بِتَبَلُّجِ إسفارِهِ ، ويَستَصبِحُ بِمِصباحِهِ ، ولا يَلتَمِسُ الهدُى‏ في غَيرِهِ.
اللَّهُمَّ وكَما نَصَبتَ بِهِ مُحَمَّداً عَلَماً لِلدَّلالَةِ عَلَيكَ ، وأنهَجتَ بِآلِهِ سُبُلَ الرِّضا إلَيكَ ، فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاجعَلِ القُرآنَ وَسيلَةً لَنا إلى‏ أشرَفِ مَنازِلِ الكَرامَةِ ، وسُلَّماً نَعرُجُ فيهِ إلى‏ مَحَلِّ السَّلامَةِ ، وسَبَباً نُجزى‏ بِهِ النَّجاةَ في عَرصَةِ القِيامَةِ ، وذَريعَةً نَقدَمُ بِها عَلى‏ نَعيمِ دارِ المُقامَةِ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاحطُط بِالقُرآنِ عَنّا ثِقلَ الأَوزارِ ، وهَب لَنا حُسنَ شَمائِلِ الأَبرارِ ، وَاقفُ بِنا آثارَ الَّذينَ قاموا لَكَ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ ، حَتّى‏ تُطَهِّرَنا مِن كُلِّ دَنَسٍ بِتَطهيرِهِ، وتَقفُوَا بِنا آثارَ الَّذينَ استَضاؤوا بِنورِهِ ، ولَم يُلهِهِمُ الأَمَلُ عَنِ العَمَلِ فَيَقطَعَهُم بِخُدَعِ غُرورِهِ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاجعَلِ القُرآنَ لَنا في ظُلَمِ اللَّيالي مُؤنِساً ،

1.يقال : زاغ في الطّريق يزيغ : إذا عدل عنه ( النهاية : ج ۲ ص ۳۲۴ « زيغ » ) .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34634
صفحه از 618
پرینت  ارسال به