175
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

ينبغي له الانتفاع بجميع ما توصّل إليه علماء النحو وبآرائهم وتجاربهم ، وعليه - في الوقت نفسه - أن يعتبر القرآن نفسه الحكم النهائي والمعيار الرئيس لتقييم صحّة الإعراب، وأن يأخذ بنظر الاعتبار وبالقدر الممكن أقلّ نسبة من التقدير والتأويل في إعراب الآيات من خلال الأخذ بظواهرها.

ولعلّ بإمكاننا أن نجيب عن هذا السؤال وهو: هل القرآن الكريم ميزان آداب اللغة العربية وقواعدها، أم أنّه تابع لها وموزون من قبلها؟ ربما يمكن القول بأنّه موزون قبل إثبات إعجازه، وميزان بعد ذلك؛ لأنّ القرآن هو كلام اللَّه سبحانه، وهو أفصح النثر العربي وأبلغه.

أنواع الإعراب وعلاماته‏

الإعراب على أربعة أنواع: نوعان منه (النصب والرفع) مشتركان بين الاسم والفعل، ونوع واحد خاصّ بالاسم (الجرّ)، ونوع خاصّ بالفعل (الجزم)۱. كما أن للإعراب أشكالاً وعلامات مختلفة، وقسّمه علماء النحو إلى شكلين: أصلي وفرعي. والعلامات الأصلية للإعراب هي: الضمّة للرفع، والفتحة للنصب، والكسرة للجرّ، والسكون للجزم. والعلامات الفرعية على أشكال مختلفة هي:

۱. الألف في المثنى، والواو في جمع المذكّر السالم والأسماء الستّة، والنون في الصيغ السبع للفعل المضارع، أي صيغتي جمع المذكّر، والصيغ الأربع للتثنية، والمفرد المؤنّث المخاطب (الأفعال الخمسة)؛ ولها دور الضمّة وعلامة الرفع.

۲. الياء في المثنى وجمع المذكّر السالم، والألف في الأسماء الستّة، والكسرة في جمع المؤنّث السالم، وحذف النون في الأفعال المضارعة الخمسة المذكورة، حيث تؤدّي دور إعراب النصب بدلاً من الفتحة.

۳. الياء في المثنى وجمع المذكّر السالم والأسماء الستّة، والفتحة في الأسماء

1.شرح قطر الندى: ص ۴۵؛ شرح شذور الذهب: ج ۲۳ - ۲۴؛ البهجة المرضية: ج ۱ ص ۵۰ - ۵۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
174

جهة. وتأثير المعتقدات والرواسخ الذهنية للمفسّر في إعراب الآيات، وبيان دور الكلمات في كلّ آية من جهة اُخرى. ومع ذلك يبدو أنّ نقطة الاعتدال هي الجمع بين الرأيين؛ لأنّ كلّ واحد من هذين الرأيين صحيح بنحو جزئي لا كلّي، أي في حين أنّ الفهم الصحيح للآية يعتمد في مواضع كثيرة على نوع إعرابها، فهنالك مواضع ليست قليلة يعتمد فيها الإعراب على فهم المعنى ويتفرع عليه؛ بسب خصوصية اللغة العربية، ولا سيما لغة القرآن ونظامها الدقيق المدروس، حيث يمنح الآيات - في الكثير من المواضع - قابلية حمل الوجوه النحوية والإعرابية المختلفة، ويستنبط معنى مناسب على أساس كلّ تركيب وتحليل. وهذه الخصوصيّة لآيات القرآن: (قابلية التحليلات النحوية المختلفة) هي من المصاعب التي تواجه المفسّرين في فهم القرآن وتتطلّب حلولاً جدّية. وما اقترح حتّى الآن من القواعد النحوية والإعرابية لحلّ هذه المشكلة لم يكن بإمكانه إزالتها؛ بسبب استثناءاته وتخصيصاته، وهذه المسألة نفسها كانت من عوامل اختلاف الآراء الفقهية والكلامية بين الفرق الإسلامية والفقهاء، وكانت فضلاً عن ذلك وسيلة لاتّهام الفرق الإسلامية بالتفسير بالرأي أحياناً.۱

الملاحظة البالغة الأهمّية في إعراب القرآن أنّ نصّه يتمتّع بالأصالة باعتباره نصّاً أدبياً متيناً يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار؛ لأنّه معيار القواعد ومصدرها، ويجب أن لا تعتبر القواعد النحوية - التي دوّنت في الغالب بعد نزول القرآن على يد العلماء العجم للتعرّف على اللغة العربية والقرآن الكريم - مقدّمة على آيات القرآن وتحميلها عليها؛ وعليه فليس من المناسب الاتّجاه إلى التبرير والتأويل والتقدير من أجل مطابقة الآيات الكريمة مع قواعد اللغة العربية؛ وعلى هذا الأساس، فمفسّر القرآن الكريم بحاجة إلى علم النحو والإعراب لتفسير القرآن بنحو صحيح، كما

1.راجع: أثر المعنى النحوي في تفسير القرآن الكريم بالرأي.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 37186
صفحه از 618
پرینت  ارسال به