169
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی

كما اعتبر إعراب الكلام - في رواية اُخرى عن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله - مقدّمة لإعراب القرآن:
أَعْرِبوا الكلامَ كىْ تَعرِبُوا القرآنَ .۱

والمراد هنا من الإعراب، التلفّظ الصحيح والواضح للكلمات، ويمكن أن يراد منه التلفّظ الصحيح لحركات أواخر الكلمات، ولكلّ حروف الكلمة وأصواتها في الوقت ذاته.

خلفية الإعراب‏

يعتبر الإعراب من خصوصيّات اللغة العربية، وله دور بالغ الأهمّية في التفاهم، وبناء عليه فالإعراب جزء لا يتجزّأ من اللغة العربية؛ إذ لا يمكنها إيصال المعاني من دونه. وأمّا خلفية «علم الإعراب» وعلاماته - أي العلامات التي تدلّ على نوع إعراب الكلمات - فتعود إلى القرن الأول الهجري، ويمكن القول بأن علم الإعراب، وخاصّة إعراب القرآن، انبثق من القرآن الكريم.۲

وفي البدء كان كتّاب الوحي عند كتابة القرآن يسجّلون الكلمات من دون نقط وإعراب، ولعلّ كتابة القرآن من غير هذه العلامات لم تكن تسبّب مشكلة للأشخاص الذين عاشوا في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، إلّا أنّها كانت تؤدّي أحياناً إلى القراءة بطرق مختلفة وتغيير المعاني بالنسبة إلى الأجيال اللاحقة، وكذلك لغير العرب الذين اعتنقوا الإسلام واختلطوا مع المسلمين؛ ولهذا بدت الحاجة إلى حلّ شامل ينهي الاختلافات والتغيير والتحريف المعنويين للقرآن الكريم أيضاً.

والروايات في التعريف بأوّل من أثبت الإعراب للقرآن مختلفة۳، فيذكر عادة أبو

1.راجع: ص ۱۶۵ ح ۱۲۴۳.

2.تاريخ تفسير ونحو: ص ۱۳۷ - ۱۴۶.

3.للتفصيل بهذا الموضوع راجع: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى: ج ۹ ص ۳۷۰ - ۳۷۴ مدخل إلى تاريخ علوم القرآن ص ۱۱۴ -۱۱۵.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
168

الإعراب ما يعبّر عنه في العصر الحاضر ب: «تحديد الموقع الإعرابي للكلمة في الجملة، وتعيين الموقع الإعرابي للجملة في فقرة أكبر».۱

وقد يستعمل الإعراب في مقابل «البناء»، وتسمّى الكلمة التي تقبل الإعراب الظاهري أو المقدّر «معربة»، وفي المقابل يطلق على الكلمة التي لا تتغيّر في المواقع الإعرابية المختلفة مصطلح «المبنيّة»۲. ويطلق على الإعراب اليوم في اللغة الفارسية (بمعنى بيان الدور النحوي للكلمة في الجملة) مصطلح «التركيب»، في مقابل «التجزئة» الذي يعني تحليل الحالة الصرفية والاشتقاقية للكلمة من دون الالتفات إلى دورها في الجملة.۳

وقد وردت الإشارة إلى المعنى اللغوي للإعراب في بعض أحاديث النبيّ صلى اللّه عليه و آله أو أقوال الصحابة۴، فجاء في رواية عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله :
أَعْرِبُوا القرآنَ وَ الْتَمِسُوا غَرائِبَهُ .۵

ويبدو أنّ المقصود من «إعراب القرآن» فيه: التلفّظ الصحيح والواضح للألفاظ۶، ولكن السيوطي فسّر الإعراب في الحديث الآتي بمعنى فهم معاني كلمات القرآن‏۷، حيث جاء فيه‏۸:
فَإِنَّه مَنْ قَرَءَ القُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكلِ‏ّ حرفٍ عَشْرُ حسناتٍ و كفّارَةُ عشْرِ سيئاتٍ و رَفْعُ عشْرِ درجاتٍ.۹

1.راجع: دائرة المعارف تشيع: ج ۲ ص ۲۶۹.

2.راجع: دائرة المعارف تشيع: ج ۲ ص ۲۶۹.

3.موسوعة النحو: ص ۱۰۹ و ۲۰۴.

4.لغت نامه: ج ۴ ص ۵۶۴۰ مدخل «تجزيه».

5.المستدرك على الصحيحين: ج ۲ ص ۴۳۹؛ مجمع الزوائد: ج ۷ ص ۱۷۳؛ الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۴۴.

6.راجع: ص ۱۶۴ ح ۱۲۳۹.

7.تفسير القرطبي: ج ۱ ص ۱۹.

8.الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۴۴ و ۳۸۲.

9.راجع: ص ۱۶۵ ح ۱۲۴۲.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 34632
صفحه از 618
پرینت  ارسال به