97
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

من سورة القيامة: «لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ‏وَ قُرْءَانَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ».

ويدلّ ظاهر هذه الآيات على أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله كان عالماً من قبل بما كان يوحى إليه، وأنّه كان يسبق الوحي في قراءة الآيات، وأنّ اللَّه تعالى منعه من ذلك.۱

۲. النزول التدريجي‏

طبقاً لهذا الرأي فإنّ نزول القرآن الكريم بدأ في ليلة القدر من السنة الاُولى للبعثة واستمرّ عشرين أو ۲۳ سنة تدريجياً حتّى اكتمل، ولم يكن للقرآن الكريم نزول دفعي، و أنّ الاعتقاد بوجود مثل هذا النزول غير معقول‏۲. ويرى هذا الرأي عامر الشعبي‏۳ وابن اسحاق‏۴ والشيخ المفيد۵ وعدد من الباحثين القرآنيين المعاصرين.۶

الأدلّة والشواهد

أهمّ الأدلّة والشواهد على رأي النزول التدريجي ورفض الرأي الأوّل هي:

۱. تصريح القرآن الكريم نفسه بتدريجية نزوله.

أ - تبيّن الآية ۱۰۶ من سورة الإسراء أنّ هذا الكتاب ينزل قسماً قسماً كي يقرأه النبي على الناس بهدوء:
«وَ قُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ‏عَلَى النَّاسِ عَلَى‏ مُكْثٍ وَ نَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً».

ب - ينقل القرآن في الآية ۳۲ من سورة الفرقان كلام الكافرين الذين قالوا

1.الميزان في تفسير القرآن: ج ۲ ص ۱۸.

2.تاريخ قرآن، محمد هادي معرفت: ص ۳۵ و ۳۶.

3.راجع: الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۴۰.

4.راجع: مجمع البيان: ج ۲ ص ۴۹۷؛ سيرة ابن اسحاق: ص ۱۳۰.

5.راجع: بحار الأنوار: ج ۱۸ ص ۲۵۱.

6.راجع: تاريخ قرآن، محمد هادي معرفت: ص ۳۵ و ۳۶.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
96

وممّن يرى هذا الرأي: الشيخ الصدوق‏۱ والفيض الكاشاني‏۲ والشيخ أبو عبد اللَّه الزنجاني‏۳ والعلامة الطباطبائي.

وقد بذل العلامة الطباطبائي جهوداً كثيرة لشرح هذا الرأي وتعزيزه، واستناداً إلى شرحه فالمراد من نزول القرآن في ليلة القدر هو نزوله الدفعي ولكن لا بهذه الألفاظ والأجزاء والفصول، فللقرآن حقيقة سامية من دون ألفاظ وأجزاء وفصول وشأن نزول لا يدركها الأناس العاديون، والقرآن الحاضر الذي هو بهذه الهيئة مثال لتلك الحقيقة وكأنّه لباس لها.۴

من جهة اُخرى فالآيات التي تحدّثت عن نزول القرآن في ليلة القدر استخدمت كلمة «الإنزال» التي تعني النزول الدفعي، و هولا يمكن أن يكون في قالب الألفاظ. وكلّ آية من آيات القرآن تلحظ أحداثاً خاصّة ولا يعقل نزولها قبل تلك الأحداث، فلا بدّ أن يكون المقصود من نزول القرآن الدفعي في ليلة القدر: نزول حقيقته.

وقد عبّر بعض تلامذة العلّامة الطباطبائي عن هذه الحقيقة ب «روح القرآن» وقالوا: نزل القرآن في ليلة القدر بنزول إجمالي وغير زماني، وهذا النزول كان مقدّماً على النزول التفصيلي والزماني، ويمكن التعبير عنه بروح القرآن المجرّد من قالب الكلمات والآيات والسور، وعندما وجدت هذه الروح في النبيّ صلى اللّه عليه و آله تحوّلت تلك الحقيقة - التي هبطت أوّلاً على النبيّ كالروح - إلى قالبٍ من الألفاظ والكلمات، ثمّ نزلت عليه.۵

وتمسّك مؤيّدو هذا الرأي ببعض آيات القرآن أيضاً، من جملتها: الآية ۱۱۴ من سورة طه: «... وَ لَا تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى‏ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ...»، والآيات ۱۶ - ۱۹

1.بحار الأنوار: ج ۱۸ ص ۲۵۰ - ۲۵۱.

2.راجع: تفسير الصافي: ج ۱ ص ۶۵.

3.تاريخ قرآن: ص ۳۵.

4.راجع: الميزان في تفسير القرآن: ج ۲ ص ۱۸.

5.راجع : درس‏هايى از قرآن (مجموعه آثار) : ج ۲۶ ص ۶۶۸.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27602
صفحه از 616
پرینت  ارسال به