83
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

والآية الثانية من سورة البيّنة هي الوحيدة بينها التي تشير إلى القرآن بوضوح:
«رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً».۱

ويرى بعض الباحثين أنّ « المصحف» كان الاسم الأوّل للقرآن، وينقل أنّ المسلمين بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عندما أرادوا أن يختاروا اسماً لكتابهم، اختاروا كلمة «المصحف» من بين الاقتراحات المختلفة، ولم يكن لهم قبل ذلك اسم لكتابهم‏۲. وعرف العرب كلمة المصحف قبل ذلك، حيث كانوا يسمون أشعار الجاهلية ب «المصاحف».۳

ومع ذلك يبدو أنّ كلمة المصحف كانت تطلق على «المجموعة المكتوبة من الآيات والسور»، وظهرت بعد وفاة النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وكتبها المسلمون في إطار الكتاب «بين الدفّتين»۴، ولكنّ الوحي الذي كان ينزل على النبيّ صلى اللّه عليه و آله باعتباره آخر الكتب السماوية كان يسمّى «القرآن».

وفي الحقيقة إنّ الوجود المادّي والكتابي للقرآن يسمى «المصحف»، والشاهد على هذا الادّعاء الروايات التي تعتبر «قراءة القرآن من المصحف» مدعاة لقوة الإبصار۵، أو التي تعتبر النظر فيه عبادة۶، أو الروايات التي تبيّن أحكام التعامل مع الصورة الماديّة والكتابيّة للقرآن، مثل:
الجُنُبُ وَ الحائِضُ يَفتَحانِ المُصحَفَ مِن وَراءِ الثَّوبِ وَ يَقرؤونَ مِنَ القُرآنِ ما شاؤوا إلَّا السَّجدَةَ .۷

1.البينة: ۲.

2.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۸۱ - ۲۸۲؛ الإتقان في علوم القرآن: ج ۱، ص ۵۱، ۱۸۵ و ۲۰۵ (النوع ۱۷)؛ غرائب القرآن: ج ۱ ص ۲۹؛ معالم المدرستين: ج ۲، ص ۱۴ وراجع: تاريخ قرآن، محمود راميار: ص ۱۰ - ۱۱.

3.راجع: تاريخ الطبري ج ۲ ص ۵۰۰، تاريخ قرآن، محمود راميار: ص ۱۰.

4.انظر: "نام هاي قرآن" علي حجتي كرماني، مكتب إسلام: السنة ۶، العدد ۱۳، ص ۴۲۱.

5.الكافي: ج ۲ ص ۶۱۳.

6.نفس المصدر: ص ۶۱۴.

7.راجع: تهذيب الأحكام: ج ۱ ص ۳۷۱، المعتبر: ج ۱، ص ۱۸۷، وسائل الشيعة: ج ۱ ص ۴۹۴.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
82

التذكّر (مقابل الغفلة والنسيان)۱. وكلّما كان المراد منها هو القرآن الكريم وردت بمعنى المذكِّر. وقد استخدم القرآن الكريم هذه الكلمة مئتين وستّين مرّة۲، حيث كان المراد في عشرين منها القرآن الكريم، ومنها آية الحفظ الشهيرة :
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ‏لَحَافِظُونَ».۳

كما جاءت كلمة «الذكر» في روايات أهل البيت عليهم السلام للإشارة إلى القرآن أحياناً، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام عن الآية ۴۴ من سورة الزخرف:
الذّكرُ القرآنُ.۴

وذكر غالبية المفسّرين «الذكر» في عداد أسماء القرآن الرئيسة واستدلّوا بأشكال مختلفة على تسميته بهذا الاسم، من جملتها: أن القرآن يذكّر العباد بالفرائض والأحكام، أو أنّه عظمة وشرف لمن آمن به. ۵

۵. المصحف‏

المصحف: صيغة اسم المفعول (من باب الإفعال) من مادّة «ص ح ف»، ويعني في اللغة: مجموعة من الأوراق التي جُمعت في موضع واحد۶. ولم تأتِ هذه الكلمة في القرآن، إلّا أن كلمة «الصُّحُف» (جمع الصحيفة وهي قطعة الجلد أو الورق الذي يكتب عليه)۷ من هذه المادة ذاتها جاءت في ثماني آيات من القرآن الكريم‏۸،

1.التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج ۳ ص ۳۱۸ مادة "ذكر".

2.راجع: مفردات الفاظ القرآن : ص ۳۴۷ - ۳۴۸.

3.الحجر: ۹.

4.راجع: ص ۳۷ ح ۱۵.

5.تفسير الطبري: ج ۱ ص ۶۴ و ۶۸؛ مجمع البيان: ج ۱ ص ۴۱؛ التبيان في تفسير القرآن: ج ۱ ص ۱۹؛ التسهيل: ج ۱ ص ۵.

6.راجع: العين: ج ۳ ص ۱۲۰؛ لسان العرب: ج ۹ ص ۱۸۶ مادة "صحف".

7.المصباح المنير: ص ۳۳۴، الصحاح: ج ۴ ص ۱۳۸۴ مادة "صحف".

8.مفردات ألفاظ القرآن: ص ۴۰۳.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27586
صفحه از 616
پرینت  ارسال به