والآية الثانية من سورة البيّنة هي الوحيدة بينها التي تشير إلى القرآن بوضوح:
«رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً».۱
ويرى بعض الباحثين أنّ « المصحف» كان الاسم الأوّل للقرآن، وينقل أنّ المسلمين بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عندما أرادوا أن يختاروا اسماً لكتابهم، اختاروا كلمة «المصحف» من بين الاقتراحات المختلفة، ولم يكن لهم قبل ذلك اسم لكتابهم۲. وعرف العرب كلمة المصحف قبل ذلك، حيث كانوا يسمون أشعار الجاهلية ب «المصاحف».۳
ومع ذلك يبدو أنّ كلمة المصحف كانت تطلق على «المجموعة المكتوبة من الآيات والسور»، وظهرت بعد وفاة النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وكتبها المسلمون في إطار الكتاب «بين الدفّتين»۴، ولكنّ الوحي الذي كان ينزل على النبيّ صلى اللّه عليه و آله باعتباره آخر الكتب السماوية كان يسمّى «القرآن».
وفي الحقيقة إنّ الوجود المادّي والكتابي للقرآن يسمى «المصحف»، والشاهد على هذا الادّعاء الروايات التي تعتبر «قراءة القرآن من المصحف» مدعاة لقوة الإبصار۵، أو التي تعتبر النظر فيه عبادة۶، أو الروايات التي تبيّن أحكام التعامل مع الصورة الماديّة والكتابيّة للقرآن، مثل:
الجُنُبُ وَ الحائِضُ يَفتَحانِ المُصحَفَ مِن وَراءِ الثَّوبِ وَ يَقرؤونَ مِنَ القُرآنِ ما شاؤوا إلَّا السَّجدَةَ .۷
1.البينة: ۲.
2.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۸۱ - ۲۸۲؛ الإتقان في علوم القرآن: ج ۱، ص ۵۱، ۱۸۵ و ۲۰۵ (النوع ۱۷)؛ غرائب القرآن: ج ۱ ص ۲۹؛ معالم المدرستين: ج ۲، ص ۱۴ وراجع: تاريخ قرآن، محمود راميار: ص ۱۰ - ۱۱.
3.راجع: تاريخ الطبري ج ۲ ص ۵۰۰، تاريخ قرآن، محمود راميار: ص ۱۰.
4.انظر: "نام هاي قرآن" علي حجتي كرماني، مكتب إسلام: السنة ۶، العدد ۱۳، ص ۴۲۱.
5.الكافي: ج ۲ ص ۶۱۳.
6.نفس المصدر: ص ۶۱۴.
7.راجع: تهذيب الأحكام: ج ۱ ص ۳۷۱، المعتبر: ج ۱، ص ۱۸۷، وسائل الشيعة: ج ۱ ص ۴۹۴.