9
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

هُوَ الدَّليلُ يَدُلُّ عَلَى السَّبيلِ ، وَ هُوَ كِتابُ تَفصيلٍ وَ بَيانٍ وَ تَحصيلٍ ، هُو الفَصلُ ليسَ بالهَزلِ ، وَ لَهُ ظَهرٌ وَ بَطنٌ ، فَظاهِرُهُ حُكمُ اللَّهِ وَ باطِنُهُ عِلمُ اللَّهِ تعالى‏ ، فَظاهِرُهُ وَثيقٌ ، وَ باطِنُهُ عَميقٌ ، لَهُ تُخومٌ ، وَ على‏ تُخومِهِ تُخومٌ ، لا تُحصى‏ عَجائِبُهُ وَ لا تُبلى‏ غَرائِبُهُ ، فيهِ مَصابيحُ الهُدى‏ وَ مَنارُ الحِكمَةِ ، وَ دليلٌ علَى المَعرِفَةِ لِمَن عَرَفَ النَّصَفَةَ .۱

كما وصفه أمير المؤمنين عليه السلام - وهو أعلم الناس بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله بالمعارف السامية البنّاءة لهذا الكتاب الإلهي - في حديث له قائلاً:
ثُمَّ أنزَلَ عَلَيهِ الكِتابَ نوراً لا تُطفَأُ مَصابيحُهُ ، وسِراجاً لا يَخبو تَوقُّدُهُ ، وَبَحراً لا يُدرَكُ قَعرُهُ ، ومِنهاجاً لا يُضِلُّ نَهجُهُ ، وشُعاعاً لا يُظلِمُ ضَوؤُهُ ، وفُرقاناً لا يَخمَدُ بُرهانُهُ ، وتِبياناً لا تُهدَمُ أركانُهُ ، وشِفاءً لا تُخشى‏ أسقامُهُ ، وعِزّاً لا تُهزَمُ أنصارُهُ ، وَحَقّاً لا تُخذَلُ أعوانُهُ .
فَهُوَ مَعدِنُ الإيمانِ وبُحبوحَتُهُ ، ويَنابيعُ العِلمِ وبُحورُهُ ، وورِياضُ العَدلِ وغُدرانُهُ ، وأثافِيُّ الإِسلامِ وبُنيانُهُ ، وأودِيةُ الحَقِّ وغيطانُهُ ، وبَحرٌ لا يَنزِفُهُ المُستَنزِفونَ ، وعُيونٌ لا يُنضِبُها الماتِحونَ ، ومَناهِلُ لا يَغيضُها الوارِدونَ ، ومَنازِلُ لا يَضِلُّ نَهجَها المُسافِرونَ ، وأعلامٌ لا يَعمى‏ عَنها السّائِرونَ ، وآكامٌ لا يَجوزٌ عَنها القاصِدونَ .
جَعَلَهُ اللَّهُ رِيّاً لِعَطَشِ العُلَماءِ ، ورَبيعاً لِقُلوبِ الفُقَهاءِ ، ومَحاجَ‏۲ لِطُرُقِ الصُّلَحاءِ ، ودَواءً لَيسَ بَعدَهُ داءٌ ونوراً لَيسَ مَعَهُ ظُلمَةٌ ، وحَبلاً وَثيقاً عُروَتُهُ ، ومَعقِلاً مَنيعاً ذِروَتُهُ ، وعِزّاً لِمَن تَوَلاّهُ ، وسِلماً لِمَن دَخَلَهُ ، وهُدىً لِمَنِ ائتَمَّ بِهِ ، وعُذراً لِمَنِ انتَحَلَهُ ، وبُرهاناً لِمَن تَكَلَّمَ بِهِ ، وشاهِداً لِمَن خاصَمَ بِهِ ، وفَلجاً لِمَن حاجَّ بِهِ ، وحامِلاً لِمَن حَمَلَهُ ، وَمَطِيَّةً لِمَن أعمَلَهُ ، وآيَةً لِمَن تَوَسَّمَ ، وجُنَّةً لِمَنِ استَلأَمَ ، وعِلماً لِمَن وَعى‏ ، وحَديثاً لِمَن رَوى‏ ، وحُكماً لِمَن قَضى‏ .۳

1.النوادر للراوندى : ص ۱۴۳ ح ۱۹۷ .

2.المَحَجّة: جادّة الطريق ، وحاججته: أي غلبته بالحجج التي أدليت بها (لسان العرب: ج ۲ ص ۲۲۸ «حجج») .

3.راجع : ص ۷۱ ح ۱۱۰ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
8

۳. هو منبت لجذور المعارف التي صدرت عن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام .۱

۴. القرآن مقياس لتحديد صحّة الروايات الدالّة على سنّة النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام ؛ ولذلك عدّه رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله في حديث الثقلين المتواتر أكبر أمانات الرسالة و«الثقل الأكبر».

۲. عدم قبوله التحريف‏

تتمثّل الخصوصية الثانية للقرآن في أنّه لم يتعرّض على مرّ الزمان للتغيير والتبديل؛ من قبيل الزيادة أو النقصان. وقد شهد بذلك منزّل القرآن نفسه في قوله :
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ».۲

كما أن تاريخ المسلمين والجهود المبذولة لحفظ القرآن الكريم وكتابته وقراءته، والأدلة الأخرى على حفظ القرآن من التحريف، والتي ذكرت بشكل مفصّل في هذه الموسوعة۳، كل ذلك يشهد على هذا الأمر أيضاً.

۳. الشمولية

القرآن شامل وجامع في نطاق رسالته‏۴، ولم يأل جهداً في بيان أيّ شي‏ء له دور في هداية الإنسان :
«تِبْيَنًا لِّكُلِ‏ّ شَىْ‏ءٍ».۵

وفضلاً عن الآيات القرآنية فقد شهد بهذا الموضوع النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأوصياؤه أيضاً حيث قال وأكبر عالم بالقرآن. رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله المتلقي للوحي عن شمولية هذا الكتاب السماوي:

1.راجع: موسوعة معارف الكتاب والسنّة: ج ۱۰ ص ۷ (الفصل الرابع: علم اهل البيت عليهم السلام الخصائص العلمية لأهل البيت عليهم السلام ، ص ۳۹ «أبواب علوم أهل البيت عليهم السلام » و ص ۷۵ «ينابيع علوم أهل البيت عليهم السلام »).

2.الحجر، ۹.

3.راجع: ص ۲۱۰ (القسم الأول / الفصل الرابع / حفظ القرآن من التحريف).

4.راجع: ص ۳۵۹ (القسم الأول / الفصل السادس : جامعيّة القرآن).

5.النحل: ۸۹.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27259
صفحه از 616
پرینت  ارسال به