عَلِمَ أنَّهُ خَلفَهُ وأنَّهُ قَد سَقَطَ ، تَجَوَّزَ في القِراءَةِ. فَذَهَبوا إلى اُمِّهِ فَقالوا: أدرِكيهِ . فَجاءَت فَرَشَّت عَلَيهِ ماءً ، فَأَفاقَ. فَقالَت لِفُضَيلٍ: أنتَ قاتِلُ هذَا الغُلامِ عَلِيٍّ . فَمَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ، فَظَنَّ أنَّهُ لَيسَ خَلفَهُ ، فَقَرَأَ « وَ بَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ »۱ فَخَرَّ مَيِّتاً وتَجَوَّزَ أبوهُ فِي القِراءَةِ. واُتِيَت اُمُّهُ فَقيلَ لَها: أدرِكيهِ. فَجاءَت فَرَشَّت عَلَيهِ ماءً فَإِذا هُوَ مَيِّتٌ رَحِمَهُ اللَّهُ.۲
۵ / ۱۸
توبة شيخ بسماع آيات
۶۱۹. كتاب التوّابين لابن قدامة عن أبي هاشم المذكّر : أرَدتُ البَصرَةَ فَجِئتُ إلى سَفينَةٍ أكتَريها ، وفيها رَجُلٌ ومَعَهُ جارِيَةٌ ، فَقالَ الرَّجُلُ: لَيسَ هاهُنا مَوضِعٌ. فَسَأَلَتهُ الجارِيَةُ أن يَحمِلَني فَحَمَلَني. فَلَمّا سِرنا دَعَا الرَّجُلُ بِالغَداءِ فَوُضِعَ فَقالَ: أنزِلوا ذلِكَ المِسكينَ لِيَتَغَدّى ، فَاُنزِلتُ عَلى أنّي مِسكينٌ. فَلَمّا تَغَدَّينا قالَ: يا جارِيَةُ! هاتي شَرابَكِ. فَشَرِبَ وأمَرَها أن تَسقِيَني ، فَقُلتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ! إنَّ لِلضَّيفِ حَقّاً ، فَتَرَكَني؛ فَلَمّا دَبَّ فيهِ النَّبيذُ قالَ: يا جارِيَةُ! هاتِي العودَ وهاتِي ما عِندَكِ. فَأَخَذَتِ العودَ وغَنَّت تَقولُ:
وكُنّا كَغُصنَي بانَةٍ لَيسَ واحِدُ...
ثُمَّ التَفَتَ إلَيَّ فَقالَ: أتُحسِنُ مِثلَ هذا؟ فَقُلتُ: اُحسِنُ خَيراً مِنهُ. فَقَرَأتُ: « إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَ إِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَ إِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ »۳ فَجَعَلَ الشَّيخُ يَبكي؛ فَلَمّا انتَهَيتُ إلى قَولِهِ: « وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ »۴ قالَ الشَّيخُ : يا جارِيَةُ اذهَبي! فَأَنتِ حُرَّةٌ لِوَجهِ اللَّهِ تَعالى. وألقى ما مَعَهُ مِنَ الشَّرابِ فِي الماءِ وكَسَرَ العودَ ، ثُمَّ دَنا إلَيَّ فَاعتَنَقَني وقالَ: يا أخي! أتَرَى اللَّهَ يَقبَلُ تَوبتي؟ فَقُلتُ: « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّ بِينَ وَيُحِبُّ